responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 8  صفحة : 380

ذهب الشباب و ليته لم يذهب‌

و علا المفارق وقع شيب مغرب [1]

/ و الغانيات يردن غيرك صاحبا

و يعدنك الهجران بعد تقرّب‌

/ إنّي أقول مقالة بتجارب‌

حقّا و لم يخبرك مثل مجرّب‌

صاف الكريم و كن لعرضك صائنا

و عن اللّئيم و مثله فتنكّب‌

ثم دعت بثياب مصبّغة و وفرة شعر مثل وفرة ابن سريج فوضعتها على رأسها، و دعت للقوم بمثل ذلك فلبسوا، ثم ضربت بالعود و تمشّت و تمشّى القوم خلفها، و غنّت و غنّوا بغنائها بصوت واحد:

يمشين مشي قطا البطاح تأوّدا

قبّ البطون رواجح الأكفال‌

فيهنّ آنسة الحديث حيّية

ليست بفاحشة و لا متفال [2]

و تكون ريقتها إذا نبّهتها

كالمسك فوق سلافة الجريال [3]

ثم نعرت و نعر القوم طربا، ثم جلست و جلسوا و خلعوا ثيابهم و رجعوا إلى زيّهم، و أذنت لمن كان ببابها فدخلوا؛ و انصرف المغنّون و بقي عندها من يطارحها من الجواري.

استزارت عبد اللّه بن جعفر لمجلس غناء هيأته له فزارها

: و حدّثتني عمّتي قالت: سمعت سياطا يحدّث أباك يوما جميلة فقال: بنفسي هي و أمّي! فما كان أحسن وجهها و خلقها [4] و غناءها! ما خلّفت النساء مثلها شبيها؛ فأعجبني ذلك. ثم قال سياط: جلست جميلة يوما للوفادة عليها، و جعلت على رءوس جواريها شعورا مسدلة كالعناقيد إلى أعجازهنّ، و ألبستهنّ أنواع الثياب المصبّغة و وضعت فوق الشعور التيجان، و زينتهنّ بأنواع الحليّ، و وجّهت إلى عبد اللّه بن جعفر تستزيره، و قالت لكاتب أملت عليه: «بأبي أنت و أمّي! قدرك يجلّ عن رسالتي و كرمك [5] يحتمل زلّتي؛ و ذنبي لا تقال عثرته و لا تغفر حوبته. فإن/ صفحت فالصفح لكم معشر أهل البيت يؤثر، و الخير و الفضل كله [6] فيكم مدّخر، و نحن العبيد و أنتم الموالي.

فطوبى لمن كان لكم مقاربا والي وجوهكم ناظرا! و طوبى لمن كان لكم [7] مجاورا، و بعزّكم قاهرا، و بضيائكم مبصرا! و الويل لمن جهل قدركم و لم يعرف ما أوجبه اللّه على هذا الخلق لكم! فصغيركم كبير بل لا صغير فيكم، و كبيركم جليل بل الجلالة التي وهبها اللّه عزّ و جلّ للخلق هي لكم و مقصورة عليكم. و بالكتاب نسألك و بحقّ الرسول ندعوك إن كنت نشيطا لمجلس هيّأته لك لا يحسن إلّا بك و لا يتمّ إلا معك، و لا يصلح أن ينقل عن موضعه، و لا يسلك به غير طريقه». فلما قرأ عبد اللّه الكتاب قال: إنّا لنعرف تعظيمها لنا و إكرامها لصغيرنا و كبيرنا.

و قد علمت أنّها قد آلت ألية ألّا تغنّي أحدا إلّا في منزلها. و قال للرسول: و اللّه قد كنت على الركوب إلى موضع‌


[1] مغرب: أبيض.

[2] المتفال: المتغيرة الريح لترك التطيب و الادّهان.

[3] الجريال: من أسماء الخمر.

[4] في ب، س: «... وجهها و خلقها و خلقها و غناءها ...».

[5] في ب، س: «و لكن كرمك إلخ» بزيادة كلمة «لكن» و لعلها مقحمة من الناسخ.

[6] هذه الكلمة ساقطة في ب، س.

[7] في جميع الأصول عدّا. ب، س: «لمن كان لكم أيضا مجاورا».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 8  صفحة : 380
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست