: قالت: ما رأيت
شيئا أشبه بغنائكم من اتّفاق أرواحكم. ثم أقبلت على نافع بن طنبورة فقالت: هات يا
نقش الغضار [3] و يا حسن اللسان؛ فاندفع يغنّي:
يا طول ليلي و بتّ لم أنم
و سادي الهمّ مبطن سقمي
أن قمت يوما على البلاط فأب
صرت رقاشا و ليت لم أقم
فقالت جميلة:
حسن و اللّه- و لابن سريج في هذا اللحن أربعة أبيات في صوت-
غناء مالك بن
أبي السمح
: ثم قالت: يا
مالك هات؛ فإنّي لم أؤخّرك لأنك في طبقة آخرهم، و لكنّي أردت أن/ أختم بك يومنا
تبرّكا بك و كي يكون أوّل مجلسنا كآخره و وسطه كطرفه، و إنك عندي و معبدا لفي
طريقة واحدة و مذهب واحد، لا يدفع ذلك إلا ظالم و لا ينكره إلا عاضل. الحقّ أقول،
فمن شاء فلينكر؛ فسكت القوم كلّهم إقرارا لما قالت. و اندفع يغنّي:
: قالت جميلة:
ليت صوتك يا مالك قد دام لنا و دمنا له. و قطعت المجلس و انصرف عامّة الناس و بقي
خواصّهم.
فلما كان اليوم
الثاني حضر القوم جميعا. فقالت لطويس: هات يا أبا عبد النّعيم. قال: فأنكر ما فعلت
جميلة في
[1]
عنيزة: موضع بين البصرة و مكة. و الغيلم: موضع في ديار بني عبس.
[2] الياء
بمعنى «من» أي شربت من ماء الدحرضين. و الدحرضان: اسم موضع، و قيل: هما وسيع و
دحرض. ماءان ثناهما بلفظ الواحد كما يقال القمران للشمس و القمر. فدحرض لآل
الزبرقان بن بدر، و وسيع لبني أنف الناقة. و الديلم: الأعداء، و قيل: حياض الديلم
بالغور، أو ماءة لبني عبس، و فيه غير ذلك أقوال كثيرة يرجع إليها في «اللسان»
(مادة دلم) و في «شرح التبريزي على المعلقات».