ينشرون
مساوينا و يهجون أحياءنا و موتانا؛ فلم يزالوا بهما حتى/ أصلحوا بينهما بالعهود و
المواثيق المغلّظة ألّا يعودا في هجاء. فكفّ التّيميّ، و كان جرير لا يزال يسلّ
[1] الواحدة بعد الواحدة فيه؛ فيقول التّيميّ: و اللّه ما نقضت هذه و لا سمعتها؛
فيقول جرير: هذه كانت قبل الصلح.
قال ابن سلّام
فحدّثني عثمان بن عثمان عن عبد الرحمن بن حرملة قال: لمّا ورد علينا هجاء جرير و
التّيميّ، قال [لي] [2] سعيد بن المسيّب تروّ [3] شيئا مما قالا؛ فأتيته و قد
استقبل القبلة يريد أن يكبّر، فقال لي: أرويت؟ قلت نعم. فأقبل عليّ بوجهه فأنشدته
للتّيميّ و هو يقول: هيه هيه! ثم أنشدته لجرير، فقال: أكله أكله!.
لم يؤثر
هجاؤه في التيم للؤمهم
: قال ابن
سلّام و حدّثني الرازيّ عن حجناء بن جرير قال: قلت لأبي: يا أبت، ما هجوت قوما قطّ
إلا فضحتهم إلّا التّيم. فقال: يا بنيّ، لم أجد بناء أهدمه و لا شرفا أضعه و كانت
تيم رعاء غنم يغدون في غنمهم ثم يروحون، و قد جاء كلّ رجل منهم بأبيات فينتحلها
ابن لجأ. فقيل لجرير: ما صنعت في التّيم شيئا؛ فقال: إنهم شعراء لئام.
هو أشعر عند
العامة و الفرزدق عند الخاصة
: أخبرنا أحمد
بن عبيد اللّه بن عمّار قال حدّثنا عمر بن محمد بن عبد الملك الزيّات قال حدّثني
ابن النطّاح قال حدّثني أبو اليقظان قال:
قال جرير لرجل
من بني طهيّة: أيّما أشعر أنا أم الفرزدق؟ فقال له: أنت عند العامة و الفرزدق عند
العلماء.
فصاح جرير: أنا
أبو حرزة! غلبته و ربّ الكعبة! و اللّه ما في كل مائة رجل عالم واحد.
هو و عديّ بن
الرقاع في حضرة الوليد بن عبد الملك
: حدّثنا أحمد
بن عمّار قال حدّثني عمر بن محمد بن عبد الملك قال حدّثني ابن النطّاح قال؛ و
حدّثني أبو الأخضر لمخارق بن الأخضر القيسيّ قال [4]: إنّي كنت و اللّه الذي لا
إله إلا هو أخصّ الناس بجرير، و كان ينزل إذا قدم على الوليد بن عبد الملك عند
سعيد بن عبد اللّه بن خالد بن أسيد، و كان عديّ بن الرقاع خاصّا بالوليد مدّاحا
له؛ فكان جرير يجيء إلى باب الوليد فلا يجالس أحدا من النّزاريّة و لا يجلس إلا
إلى رجل من اليمن بحيث يقرب من مجلس بن الرّقاع إلى أن يأذن الوليد للناس فيدخل.
فقلت له: يا أبا حزرة، اختصصت عدوّك بمجلسك! فقال: إني و اللّه ما أجلس إليه إلا
لأنشده أشعارا تخزيه و تخزي قومه. قال: و لم يكن ينشده شيئا من شعره، و إنما كان
ينشده شعر غيره ليذلّه و يخوّفه نفسه. فأذن الوليد للناس ذات عشيّة فدخلوا و
دخلنا، فأخذ الناس مجالسهم، و تخلّف جرير فلم يدخل حتى دخل الناس و أخذوا مجالسهم
و اطمأنّوا فيها. فبينما هم كذلك إذا بجرير قد مثل بين السّماطين يقول: السلام
عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه، إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في ابن
الرّقاع المتفرّقة أؤلّف
[1]
في الأصول «يسأل». و التصويب عن «طبقات ابن سلام» (ص 62 نسخة خطية محفوظة بدار
الكتب المصرية تحت رقم 37 أدب ش) و يريد بذلك أنه يرسل القصيدة تلو القصيدة خفية.