لما ولي مروان بن الحكم المدينة ولّى مصعب بن عبد الرحمن بن عوف شرطته؛
فقال: إني لا أضبط المدينة بحرس المدينة، فابغني رجالا من غيرها، فأعانه بمائتي
رجل من أهل أيلة [1]، فضبطها ضبطا شديدا. فدخل المسور [2] بن مخرمة على مروان
فقال: أما ترى ما يشكوه الناس من مصعب! فقال:
و قال غير مصعب
في هذا الخبر و ليس من رواية الحرميّ: إنه بقي إلى أن ولي عمرو [4] بن سعيد
المدينة و خرج الحسين رضي اللّه تعالى عنه و عبد اللّه بن الزبير؛/ فقال له عمرو:
اهدم دور بني هاشم و آل الزبير؛ فقال: لا أفعل، فقال: انتفخ سحرك [5] يا ابن أمّ
حريث! ألق سيفنا! فألقاه و لحق بابن الزبير. و ولّى عمرو بن سعيد شرطته عمرو بن
الزبير بن العوّام و أمره بهدم دور بني هاشم و آل الزبير، ففعل و بلغ منهم كلّ
مبلغ، و هدم دار ابن [6] مطيع التي يقال لها العنقاء، و ضرب محمد بن المنذر بن
الزبير مائة سوط؛ ثم دعا بعروة بن الزبير ليضربه؛ فقال له محمد: أ تضرب عروة!
فقال: نعم يا سبلان [7] إلا أن تحتمل ذلك عنه؛ فقال: أنا أحتمله، فضربه مائة سوط
أخرى؛ و لحق عروة بأخيه. و ضرب عمرو الناس ضربا شديدا، فهربوا منه إلى ابن الزبير،
و كان المسور بن مخرمة أحد من هرب منه؛ و لما أفضى الأمر إلى ابن الزّبير أقاد منه
و ضربه بالسوط ضربا مبرّحا فمات فدفنه في غير مقابر المسلمين، و قال للناس، فيما
ذكر عنه: إن عمرا مات مرتدّا عن الإسلام.
هو شاعر
قريش:
أخبرني الحرميّ
قال حدّثني الزّبير قال:
سألت عمّي
مصعبا و محمد بن الضحّاك و محمد بن حسن عن شاعر قريش في الإسلام، فكلّهم قالوا:
ابن قيس الرقيّات؛ و حكي ذلك عن عديّ و عن الضحاك بن عثمان؛ و حكاه محمد بن الحسن
عن عثمان بن عبد الرحمن اليربوعيّ. قال الزبير: و حدّثني بمثله غمامة بن عمرو
السّهميّ عن مسور بن عبد الملك اليربوعيّ.
عرض شعره على
طلحة الزهري فمدحه:
أخبرنا محمد بن
العبّاس اليزيديّ و الحرميّ بن أبي العلاء و غيرهما قالوا حدّثنا الزبير بن بكار
قال حدّثنا عبد الرحمن بن عبد اللّه الزّهريّ عن عمه محمد بن عبد العزيز:
أنّ ابن قيس
الرقيّات أتى إلى طلحة بن عبد اللّه بن عوف الزهريّ فقال له:
[1]
أيلة: مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشأم، و قيل: هي في آخر الحجاز و أوّل
الشأم.
[2] هو
المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري قتل في حصار مكة مع ابن الزبير. (انظر الطبري في
حوادث سنة 64 ه).
[3] السياق:
السوق. و القطوف من الدواب: البطيء، و المراد وصف الرجل بحسن السياسة و أنه يبلغ
الغاية من غير أن يعنف في السوق أي إنه يسوس الناس من غير أن يجهدهم.
[4] هو عمرو
بن سعيد بن العاص الأشدق، ولاه يزيد بن معاوية إمرة المدينة سنة 60 ه. (انظر
الطبري في حوادث السنة المذكورة).
[5] انتفخ
سحرك: كلمة تقال للجبان. و السحر: الرئة. (انظر الحاشية رقم 1 ج 4 ص 187 من هذه
الطبعة).
[6] هو عبد
اللّه بن مطيع أخو بني عديّ بن كعب، ولي الكوفة لعبد اللّه بن الزبير. (انظر
الطبري في حوادث سنة 60 ه).
[7] كذا في
جميع الأصول، و لعلها لقب له أو محرفة عن سبلاني (بزيادة ياء مشدّدة). و السبلانيّ:
الطويل السبلة (بالتحريك) و هي شعرات تكون في المنحر، و هي أيضا مقدم اللحية، و ما
على الشفة العليا من الشعر يجمع الشاربين، أو لعلها كلمة تهكمية لها مغزى خاص.