دخلت يوما على
جعفر بن يحيى، فرأى شفتيّ تتحرّكان بشيء [1] كنت أعمله؛ فقال: أ تدعو أم تصنع [2]
ما ذا؟
فقلت: بل أمدح؛
قال: قل؛ فقلت:
صوت
و كنت إذا إذن عليك جرى لنا
تجلّى لنا وجه أغرّ وسيم
علانية محمودة و سريرة
و فعل يسرّ المعتفين كريم
فاحتبسني و أمر
لي بمال جليل و كسوة، و قال: زد البيتين حسنا بأن تصنع فيهما لحنا؛ فصنعت لحنا من
الثقيل الثاني؛ فلم يزل يشرب عليهما حتى سكر.
قصة دخوله
بيتا طفيليا:
أخبرنا محمد بن
مزيد قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه أنه حدّثه قال: غدوت يوما و أنا ضجر من
ملازمة دار الخلافة و الخدمة فيها؛ فخرجت و ركبت بكرة، و عزمت على أن أطوف الصحراء
و أتفرّج؛ فقلت لغلماني: إن جاء رسول الخليفة أو غيره فعرّفوه أني بكّرت في بعض
مهمّاتي، و أنكم لا تعرفون أين توجّهت؛ و مضيت و طفت ما بدا لي، ثم عدت و قد حمي
النهار؛ فوقفت في الشارع المعروف بالمخرّم [3] في فناء ثخين الظلّ و جناح رحب على
الطريق لأستريح. فلم ألبث/ أن جاء خادم يقود حمارا فارها عليه جارية راكبة، تحتها
منديل دبيقيّ [4] و عليها من اللباس الفاخر ما لا غاية بعده، و رأيت لها قواما
حسنا و طرفا فاترا و شمائل حسنة؛ فخرصت [5] عليها أنها مغنّية، فدخلت الدار التي
كنت واقفا عليها. ثم لم ألبث أن جاء رجلان شابّان جميلان، فاستأذنا فأذن لهما
فنزلا و نزلت معهما و دخلت؛ فظنا أن صاحب الدار دعاني و ظنّ صاحب الدار أني معهما؛
فجلسنا، و أتي بالطعام فأكلنا و بالشراب فوضع، و خرجت الجارية و في يدها عود فغنّت
و شربنا؛ و قمت قومة، و سأل صاحب المنزل الرجلين عنّي فأخبراه أنهما لا يعرفاني؛
فقال: هذا طفيليّ، و لكنه ظريف، فأجملوا عشرته. و جئت فجلست؛ و غنّت الجارية في
لحن لي: