responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 268

فقال: ليس هذا موضع حوائج؛ فقال: لتفعلنّ، و لم يزل يلحّ عليه حتى قال له: أمير المؤمنين عليّ واجد؛ فأحبّ أن تترضّاه؛ قال: فإنّ أمير المؤمنين قد رضي عنك، فهات حوائجك؛ فقال: هذه كانت حاجتي؛ قال: ارفع حوائجك كما أقول لك؛ قال: عليّ دين فادح؛ قال: هذه أربعة آلاف ألف درهم، فإن أحببت أن تقبضها فاقبضها من منزلي الساعة، فإنه لم يمنعني من إعطائك إيّاها إلا أنّ قدرك يجلّ على أن يصلك مثلي، و لكني ضامن لها حتى تحمل من مال أمير المؤمنين غدا؛ فسل أيضا؛ قال: ابني، تكلّم أمير المؤمنين حتى ينوّه باسمه؛ قال: قد ولّاه أمير المؤمنين مصر/ و زوّجه/ ابنته العالية [1] و مهرها ألفي ألف درهم. قال إسحاق: فقلت في نفسي: قد سكر الرجل (أعني جعفرا). فلما أصبحت لم تكن لي همّة إلا حضور دار الرشيد؛ و إذا جعفر بن يحيى قد بكّر، و وجدت في الدار جلبة، و إذا أبو يوسف القاضي و نظراؤه قد دعي بهم، ثم دعي بعبد الملك بن صالح و ابنه فأدخلا على الرشيد؛ فقال الرشيد لعبد الملك: إنّ أمير المؤمنين كان واجدا عليك و قد رضي عنك، و أمر لك بأربعة آلاف ألف درهم، فاقبضها من جعفر بن يحيى الساعة. ثم دعا بابنه فقال: اشهدوا أنّي قد زوّجته العالية بنت أمير المؤمنين و أمهرتها عنه ألفي ألف درهم من مالي و ولّيته مصر [2]. قال: فلمّا خرج جعفر بن يحيى سألته عن الخبر؛ فقال: بكرت على أمير المؤمنين فحكيت له ما كان منا و ما كنّا [3] فيه حرفا حرفا، و وصفت له دخول عبد الملك و ما صنع؛ فعجب لذلك و سرّ به؛ ثم قلت له: قد ضمنت له عنك يا أمير المؤمنين ضمانا؛ فقال: ما هو؟ فأعلمته؛ قال: أوف له بضمانك، و أمر بإحضاره؛ فكان ما رأيت.

حمل علويه لحنا له إلى أبيه فأعجب به و أثنى عليه:

أخبرني عمّي قال حدّثني فضل اليزيديّ عن إسحاق قال:

لمّا صنعت لحني في:

هل إلى نظرة إليك سبيل‌

ألقيته على علّويه، و جاءني رسول أبي بطبق فاكهة باكورة؛ فبعثت إليه: برّك اللّه يا أبة و وصلك! الساعة أبعث إليك بأحسن من هذه الباكورة؛ فقال: إني أظنّه قد أتى بآبدة [4]؛ فلم يلبث أن دخل عليه علّويه فغنّاه الصوت؛ فعجب منه و أعجب به، و قال: قد أخبرتكم أنه قد أتى بآبدة. ثم قال لولده: أنتم تلومونني على/ تفضيل إسحاق و محبّتي له، و اللّه لو كان ابن غيري لأحببته لفضله فكيف و هو ابني؛ و ستعلمون أنكم لا تعيشون إلّا به. و قد ذكر أبو حاتم الباهليّ عن أخيه أبي معاوية بن سعيد بن سلم أنّ هذه القصة كانت لمّا صنع إسحاق لحنه في:

غيّضن من عبراتهن و قلن لي‌

و قد ذكرت ذلك مع أخبار هذا الصوت في موضعه.


[1] كذا في الأصول و «ابن الأثير» (ج 6 ص 148) و الذي في «الطبري» (ص 759 من القسم الثالث) «أم الغالية» بالغين المعجمة.

[2] الذي ذكر في كتب التاريخ أن الذي ولى مصر من قبل الرشيد هو عبد الملك بن صالح و لم يدخلها و إنما استخلف عليها عبد اللّه بن المشيب الضبي. و لم نعثر في كل هذه الكتب عند ذكر ولاة مصر عن ابن لعبد الملك هذا، و لم نجد هذه القصة في مصدر آخر من كتب التاريخ و الأدب، غير أن ابن طباطبا أوردها بعبارة أوسع في «الفخري» (ص 282 طبع أوروبا سنة 1894).

[3] في ح: «ما كان منا و ما كان منه».

[4] الآبدة: الغريبة.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست