responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 253

معمر بن المثنّى بالثقة و الصدق و السماحة و العلم؛ و فعل مثل ذلك للفضل بن الرّبيع و استعان به؛ و لم يزل حتى وضع مرتبة الأصمعيّ و أسقطه عندهم، و أنفذوا إلى أبي عبيدة من أقدمه.

أخبرني أبو الحسن الأسديّ قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال:

أنشدت الفضل بن الرّبيع أبياتا كان الأصمعيّ أنشدنيها في صفة فرس:

كأنه في الجلّ [1] و هو سامي‌

مشتمل [2] جاء من الحمّام‌

/ يسور [3] بين السّرج و اللّجام‌

سور القطاميّ [4] إلى اليمام‌

قال: و دخل الأصمعيّ فسمعني أنشدها، فقال: هات بقيّتها؛ فقلت له: أ لم تقل إنه لم يبق منها شي‌ء؟ فقال:

ما بقي منها إلّا عيونها، ثم أنشد بعد هذه الأبيات ثلاثين بيتا منها، فغاظني فعله؛ فلمّا خرج عرّفت الفضل بن الربيع قلّة شكره لعارفة [5] و بخله بما عنده؛ و وصفت له فضل أبي عبيدة معمر بن المثنّى و علمه و نزاهته و بذله لما عنده و اشتماله على جميع علوم العرب، و رغّبته فيه، حتى أنفذ إليه مالا جليلا و استقدمه؛ فكنت سبب مجيئه به من البصرة.

أخبرني عمّي قال حدّثنا فضل اليزيديّ عن إسحاق قال:

/ جاء عطاء الملك بجماعة من أهل البصرة إلى قريب أبي الأصمعيّ، و كان ندلا من الرجال، فوجده ملتفّا في كسائه نائما في الشمس، فركضه برجله و صاح به: يا قريب، قم ويلك! فقال له: هل لقيت أحدا من أهل العلم قطّ أو من أهل اللغة أو من العرب أو من الفقهاء أو من المحدّثين؟ قال: لا و اللّه؛ قال: و لا سمعت شيئا ترويه لنا أو تنشدناه أو نكتبه عنك؟ قال: لا و اللّه؛ فقال لمن حضر: هذا أبو الأصمعيّ، فاشهدوا لي عليه و على ما سمعتم منه، لا يقل لكم غدا أو بعده: حدّثني أبي أو أنشدني أبي؛ ففضحه. قال الفضل: ثم مرض الأصمعيّ، و كان الحال بينه و بين إسحاق الموصليّ انفرجت؛ فعاده أبو ربيعة، و كان يرغب في الأدب و يبرّ أهله؛ فقال له الأصمعيّ: أقرضني خمسة آلاف درهم؛ فقال: أفعل. فقال له أبو ربيعة: فأيّ شي‌ء تشتهي سوى هذا؟ فقال: أشتهي أن تهدي إليّ فصّا حسنا و سيفا قاطعا و بردا [6] حسنا و سرجا محلّى؛ فقال: أفعل، و بعث بذلك إليه لمّا عاد إلى منزله. و بلغ ذلك إسحاق فقال:

أ ليس من العجائب أنّ قردا

أصيمع باهليّا يستطيل‌

و يزعم أنه قد كان يفتي‌

أبا عمرو [7] و يسأله الخليل [8]


[1] الجل للدابة: كالثوب للإنسان تصان به. و قد وردت هذه الكلمة في ب، س: «الحل» بالحاء المهملة، و هو تصحيف.

[2] اشتمل الرجل: تلفف بثوبه و أداره على جسده كله.

[3] يسور: يثب و يثور.

[4] القطامي (بفتح أوّله و يضم): الصقر.

[5] العارفة: المعروف.

[6] كذا في ح: و في سائر الأصول: «برذونا». و الشعر الآتي يؤيد ما أثبتناه.

[7] هو أبو عمرو بن العلاء أحد أئمة اللغة و الأدب، كان إمام أهل البصرة في القراءات و النحو و اللغة، أخذ عن جماعة من التابعين؛ قال أبو عبيدة: أبو عمرو أعلم الناس بالقراءات و العربية و أيام العرب و الشعر؛ و كان من أشراف العرب و وجهائها، مدحه الفرزدق و وثقه يحيى بن معين و غيره. مات سنة أربع و قيل: سنة تسع و خمسين و مائة.

[8] هو الخليل بن أحمد اللغوي النحوي العروضي، الذي ابتدع علم العروض. مات سنة سبعين و مائة و قيل: سنة خمس و سبعين.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 253
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست