قال: فوافانا الأعرابيّ، فلمّا شرب و سمع حنين الدّواليب قال:
صوت
بكرت تحنّ و ما بها وجدي
و أحنّ من وجد إلى نجد
فدموعها تحيا الرّياض بها
و دموع عيني أقرحت خدّي
و بساكني نجد كلفت و ما
يغني لهم كلفي و لا وجدي
لو قيس وجد العاشقين إلى
وجدي لزاد عليه ما عندي
قال: فما انصرف
إسحاق إلى بيته إلّا محمولا سكرا، و ما شرب إلّا على هذه الأبيات.
و الغناء فيها
لإسحاق هزج بالبنصر.
قصته مع
الفضل بن الربيع بشأن البساط:
أخبرني محمد بن
مزيد و الحسين بن يحيى عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه، و أخبرني به الحسن بن عليّ عن
عبد اللّه بن أبي سعد عن محمد بن عبد اللّه عن إسحاق قال:
/ دخلت على
الفضل بن الرّبيع و هو على بساط سوسنجرديّ [1] ستيني مذهب يلمع عليه مكتوب: «مما
أمر بصنعته حمّاد عجرد»؛ فقال لي: أ تدري من حمّاد عجرد؟ قلت: لا؛ قال: حمّاد عجرد
كان والي تلك الناحية؛ أ فرأيت مثله قطّ؟ قلت: لا، فسكت؛ ثمّ قلت: أ هكذا يفعل
الناس؟ قال: أيّ شيء يفعلونه؟ قلت: تهبه لي؛ قال:
لا أفعل؛ قلت:
إذا أغضب؛ قال: ما شئت افعل؛ فخرجت متغاضبا؛ فلمّا وافيت منزلي إذا برسوله قد
لحقني بالبساط؛ فكتبت إليه بيتين لحمزة بن مضر:
و لقد عددت فلست أحصي كلّ ما
قد نلت منك من المتاع المونق
بخديعتي فأراك منخدعا لها
و فكاهتي و تغضّبي و تملّقي
- قال ابن أبي سعد في خبره:- فلمّا دخلت عليه
ضحك و قال لي: البيتان خير من البساط، فالفضل الآن لك علينا.
رآه ابن بانة
يناظر إبراهيم بن المهدي فلم يفهم ما يقولان:
أخبرني يحيى بن
عليّ و أحمد بن جعفر جحظة عن أبي العبيس بن حمدون عن عمرو بن بانة قال:
رأيت إبراهيم
بن المهديّ يناظر إسحاق في الغناء، فتكلّما بما فهماه و لم أفهم منه شيئا؛ فقلت
لهما: لئن كان ما أنتما فيه من الغناء فما نحن منه في قليل و لا كثير.
شعره في
الواثق:
أخبرنا يحيى بن
عليّ قال حدّثني أبي قال حدّثني إسحاق قال:
قدمت على
الواثق في بعض قدماتي، فقال لي: أ ما اشتقت إليّ؟ فقلت: بلى و اللّه يا أمير
المؤمنين، و أنشدته:
[1]
في أ، ء، م هكذا: «سوء منجرد ستيني». و في سائر الأصول: «سوسنجرد» من غير ياء
النسب. و سوسنجرد: قرية من قرى بغداد.