responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 193

دس إليه أبو أحمد بن الرشيد غلامين على أنهما لأحد وجوه خراسان مع هدية ليعلمهما، و قصة ذلك أمام الواثق:

حدّثني يحيى بن محمد الطّاهريّ قال حدّثني ينشو مولى أبي أحمد بن الرشيد قال:

اشتراني مولاي أبو أحمد بن الرشيد، و اشترى رفيقي محموما [1]، فدفعنا إلى وكيل له أعجميّ خراسانيّ، و قال له: انحدر بهذين الغلامين إلى بغداد إلى إسحاق الموصليّ؛ و دفع إليه مائة ألف درهم، و شهريّا [2] بسرجه و لجامه، و ثلاثة أدراج [3] من فضّة/ مملوءة طيبا، و سبعة تخوت [4] من بزّ خراسانيّ، و عشرة أسفاط [5] من بزّ مصر، و خمسة تخوت وشي كوفيّ، و خمسة تخوت خزّ سوسيّ، و ثلاثين ألف درهم للنفقة؛ و قال للرسول: عرّف إسحاق أنّ هذين الغلامين لرجل من وجوه أهل خراسان، وجّه بهما إليه ليتفضّل و يعلّمهما أصواتا اختارها، و كتبها له في درج [6]، و قال له: كلما علّمهما صوتا ادفع إليه ألف درهم، حتى يتعلّما بها مائة صوت، فإذا علّمهما الصوتين اللذين بعد المائة فادفع إليه الشّهريّ، ثم إذا علمهما الثلاثة التي بعد الصوتين، فادفع إليه بكل صوت درجا من/ الأدراج، ثم لكل صوت بعد ذلك تختا أو سفطا، حتى ينفد ما بعثت به معك؛ ففعل، و انحدرنا إلى بغداد، فأتينا إسحاق، و غنّينا بحضرته، و بلّغه الوكيل الرسالة؛ فلم يزل يلقى علينا الأصوات حتى أخذناها كل أمرنا سيّدنا.

ثم سرنا [7] إلى سرّ من رأى، فدخلنا إليه و غنّيناه جميع ما أخذناه فسرّه ذلك. و قدم إسحاق سرّ من رأى، و لقيه مولانا، فدعا بنا و أوصانا بما أراد، و غدا بنا إلى الواثق و قال: إنكما ستريان إسحاق بين يديه، فلا تسلّما عليه و لا توهماه أنكما رأيتماه قطّ، و ألبسنا أقبية خراسانية و مضينا معه؛ فلمّا دخلنا على الواثق قال له: يا سيّدي، هذان غلامان اشتريا لي من خراسان يغنّيان بالفارسيّة؛ فقال: غنّيا، فضربنا ضربا فارسيّا و غنّينا غناء فهليذيّا؛ فطرب الواثق و قال: أحسنتما، فهل تغنّيان بالعربية؟ قلنا: نعم، و اندفعنا نغنّي ما أخذناه عن إسحاق/ و هو ينظر إلينا و نحن نتغافل عنه، حتى غنّينا أصواتا من غنائه؛ فقام إسحاق ثم قال للواثق: و حياتك يا سيّدي و بيعتك، و إلّا كلّ ملك لي صدقة و كل مملوك لي حرّ إن لم يكن هذان الغلامان من تعليمي و من قصّتهما كيت و كيت؛ فقال له أبو أحمد: ما أدري ما تقول! هذان اشتريتهما من رجل نخّاس خراسانيّ؛ فقال له: بلغ و لعك [8] إليّ! و نخّاس خراسانيّ من أين يحسن [أن‌] يختار مثل تلك الأغاني!؛ فضحك أبو أحمد ثم قال: صدق، أنا احتلت عليه، و لو رمت أن يعلّمهما ما أخذاه منه إذا علم أنهما لي بعشرة أضعاف ما أعطيته لما فعل؛ فقال له إسحاق: قد تمّت عليّ حيلته. و قال أبو أحمد للواثق: إن أردتهما فخذهما؛ فقال: لا أفجعك بهما يا عمّ، و لكن لا تمنعني حضورهما؛ فقال له: قد بذلت‌


[1] في ح: «بجمجما».

[2] الشهرية (بالكسر): ضرب من البراذين و هو بين البرذون و المقرف من الخيل، و في الأساس: «بين الرمكة و الفرس العتيق».

و الرمكة: البرذونة، و الجمع الشهارى.

[3] الأدراج: جمع درج (بالضم) و هو سفيط صغير تدخر فيه المرأة طيبها و أداتها، و يجمع أيضا على درجة (بكسر ففتح).

[4] التخت: وعاء تصان فيه الثياب، فارسيّ، و قد تكلمت به العرب.

[5] أسفاط: جمع سفط (بالتحريك) و هو ما يعبى فيه الطيب و ما أشبهه من أدوات النساء، و قيل: هو كالجوالق أو كالقفة.

[6] الدرج (بالفتح و بالتحريك): الذي يكتب فيه، يقال: أنفذته في درج الكتاب أي في طيه. و هو يطلق على الصحيفة من أي نوع و من أي مقياس. و قد فصل القلقشندي في «صبح الأعشى» (ج 6 ص 189- 196) مقادير قطع الورق و ما يناسب كل مقدار منها من الأقلام و مقادير البياض في أوّل الدرج و حاشيته و بعد ما بين السطور في الكتابات فارجع إليه.

[7] في أ، ء، م: «ثم سرنا ثم دخلنا إلى سرّ من رأى».

[8] الولع: الكذب.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 193
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست