responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 189

عابه إبراهيم بن المهدي بترك التحريك في الغناء فبعث هو إليه بكلام غاظه:

أخبرني عمّي قال حدّثني عبد اللّه بن أبي سعد قال حدّثني محمد بن عبد اللّه بن مالك قال قال لي محمد بن راشد الخنّاق [1]:

سمعت علّويه يقول لإسحاق بن إبراهيم الموصليّ: إن إبراهيم بن المهديّ يعيبك بتركك تحريك الغناء؛ فقال له إسحاق: ليتنا نفي بما علمناه، فإنا لا نحتاج إلى الزيادة فيه. [ثم‌] [2] قال له: فإنه يزعم أنّ حلاوة الغناء تحريكه، و تحريكه عنده أن يكون كثير النّغم، و ليس يفعل ذلك، إنما يسقط بعض عمله لعجزه عنه، فإذا فعل ذلك فهو بالإضافة إلى حاله الأولى بمنزلة الأسكدار [3] للكتاب، و هو حينئذ بأن يسمّى المحذوف أشبه منه بأن يسمّى المحرّك؛ فضحك علّويه ثم قال: فإن إبراهيم يسمّي غناءكم هذا الممسك المناديّ؛ قال إسحاق: هذا من لغات الحاكة؛ لأنهم يسمّون الثوب الجافى [4] الكثير العرض و الطول المداديّ؛ و على هذا القياس فينبغي لنا أن نسمّي غناءه المحرّك الضّرابيّ، و هو الخفيف السخيف [5] من الثياب في لغة الحاكة، حتى ندخل الغناء/ في جملة الحياكة و نخرجه عن جملة الملاهي؛ ثم قال لعلّويه؛ بحياتي عليك إلّا ما أعدت عليه ما جرى؛ فقال له: لا و حياتك لا فعلت؛ فإنه يعلم ميلي إليكم، و لكن عليك بأبي جعفر محمد بن راشد الخنّاق؛ فكلمه إسحاق و أقسم عليه أن يؤيده [6]، ففعل و سار إلى إبراهيم فأخبره، فجعل كلّما أخبره شيئا تغيّظ و شتم إسحاق بأقبح شتم؛ ثم جاءه ابن راشد فأخبره؛ فجعل [9] كلّما أخبره بشي‌ء من ذلك ضحك و صفّق سرورا لغيظ إبراهيم من قوله.

أخبرني حبيب بن نصر المهلّبيّ قال حدّثني علي بن محمد النّوفليّ قال أخبرني محمد بن راشد الخنّاق قال:

إني لفي منزلي يوما مع الظهر إذ دخل عليّ إسحاق بن إبراهيم الموصليّ، فسررت بمكانه؛ فقال: قد جاءت بي إليك حاجة؛ قال قلت: قل ما شاء اللّه؛ قال: دعني في بيتك، و دع غلاميك عندي: بديحا و سليمان- و كانا خادمين مغنّيين- و مرهما أن يغنّياني، و ائتني بفلان ليغنّيني أيضا، بحياتي عليك، و انطلق إلى إبراهيم ابن المهديّ، فإنه سيسرّ بمكانك، فاشرب معه أقداحا، ثم قل [له‌] [8]: يا سيّدي، أسألك عن شي‌ء، فإذا قال: سل، فقل له:

أخبرني عن قولك:

ذهبت من الدنيا و قد ذهبت منّي‌

أيّ شي‌ء كان معنى صنعتك فيه؟ و أنت تعلم أنه لا يجوز في غنائك الذي صنعته فيه إلا أن تقول: «ذهبتو» بالواو، فإن قلت: «ذهبت» و لم تمدّها انقطع اللحن و الشعر، و إن مددتها قبح الكلام و صار على كلام النّبط؛ فقلت له: يا أبا محمد، كيف أخاطب/ إبراهيم بهذا؟ فقال: هو حاجتي إليك و قد كلّفتك إياها، فإن استحسنت أن تردّني‌


[1] كذا في ب، ح هنا و فيما سيأتي في أكثر الأصول، و في سائر الأصول هنا: «الخفاف».

[2] زيادة يقتضيها السياق.

[3] الأسكدار: كلمة فارسية معناها حامل البريد.

[4] الجافي من الثياب: الغليظ.

[5] السخيف من الثياب: القليل الغزل.

[6] كذا في الأصول. و لعل صوابه: «يؤديه» أي يبلغه.

[7] كذا في ح. و في سائر الأصول: «فجعل كلما جاءه و أخبره ... إلخ» و ظاهر أن كلمة «جاءه و» هنا مقحمة.

[8] الزيادة عن ح.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 189
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست