responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 183

فأقبلت على عقيد فقلت له حين استوفاه: في أيّ طريقة هذا الصوت الذي غنّيته؟ قال: في الرّمل؛ فقلت للضارب:

في أي طريقة ضربت أنت؟ قال: في الهزج الثقيل؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، ما عسيت أن أقول في صوت يغنّي مغنّيه رملا و يضرب ضاربه هزجا، و ليس هو صحيحا في إيقاعه الذي ضرب عليه!. قال: و تفهّمه إبراهيم بن المهديّ بعدي، فقال: صدق يا أمير المؤمنين، الأمر فيه الآن بيّن؛ فغاظني، فقلت له: بأيّ شي‌ء بان الآن ما لم يكن بيّنا قبل؟ أتوهم أنك استنبطت معرفة هذا! و إنما قلته لمّا علمته من جهتي كما يقوله الغلمان العجم و سائر من حضر اتّباعا لي و اقتداء بقولي. فقال له المأمون: صدق، فأمسك؛ و جعل يتعجّب من ذهاب ذلك على كل من حضر، و كنّاني في ذلك اليوم مرّتين.

إعجاب الأصمعي ببيتين له في الفخر:

أخبرني أحمد بن جعفر جحظة قال حدّثني أبو عبد اللّه أحمد بن حمدون قال حدّثني أبي:

/ أنّ الأصمعيّ أنشد قول إسحاق يذكر ولاءه لخزيمة [1] بن خازم:

إذا كانت الأحرار أصلي و منصبي‌

و دافع ضيمي خازم و ابن خازم‌

عطست بأنف شامخ و تناولت‌

يداي الثريّا قاعدا غير قائم‌

قال: فجعل الأصمعيّ يعجب منهما و يستحسنهما، و كان بعد ذلك يذكرهما و يفضّلهما.

سبب ولائه لخازم بن خزيمة:

قال ابن حمدون: و كان السبب في تولّي إسحاق خازم بن خزيمة بن خازم، أنّ مناظرة جرت بينه و بين ابن جامع بحضرة الرشيد فتغالظا [2]، فقال له ابن جامع: يا من إذا قلت له يا ابن زانية لم أخف أن يكذّبني أحد؛ فمضى إلى خازم بن خزيمة، فتولّاه و انتمى إليه، فقبل ذلك منه، و قال هذين البيتين.

امتحنه المعتصم في صوت فأجاب بأنه محدث لامرأة و كان لعريب:

أخبرني يحيى بن عليّ قال حدّثني أبي قال: قال إسحاق: كانت عندي [3]/ صنّاجة كنت بها معجبا؛ و اشتهاها أبو إسحاق المعتصم في خلافة المأمون؛ فبينا أنا ذات يوم في منزلي إذا ببابي يدقّ دقّا شديدا، فقلت:

انظروا من هذا؛ قالوا: رسول أمير المؤمنين؛ فقلت: ذهبت صنّاجتي، تجده ذكرها له ذاكر فبعث إليّ فيها؛ فلمّا مضى بي الرسول انتهيت إلى الباب و أنا مثخن [4]، فدخلت فسلّمت، فردّ السلام، و نظر إلى تغيّر وجهي فقال:

اسكن فسكنت؛ و سألني عن صوت و قال: أ تدري لمن هو؟ فقلت: أسمعه ثم أخبر أمير المؤمنين إن شاء اللّه بذلك؛ فأمر/ جارية من وراء الستارة فغنته و ضربت، فإذا هي قد شبّهته بالقديم؛ فقلت: زدني معها عودا آخر فإنه أثبت‌


[1] هو خزيمة بن خازم بن خزيمة، كان هو و أبوه من أشراف الدولة العباسية، و قد ولى أبوه خراسان و عمان لأبي جعفر المنصور، و كان هو من قوّاد الرشيد المبرزين الذين قاموا له بجلائل الأعمال (انظر كتاب «المعارف» لابن قتيبة ص 213 و «تاريخ الطبري» قسم 3 ص 602 و 648 و 683 إلخ).

[2] كذا في ب. و تغالظا: تعاديا و تشاتما، و المغالظة: شبه المعارضة، يقال: مالك تغالطني و تغالظني، و تعارضني و تغايظني. و في سائر الأصول: «تغالطا» بالطاء المهملة، و المغالطة: الإيقاع في الغلط.

[3] الصناجة: الضاربة بالصنج. و الصنج (لفظ دخيل): صفيحة مدورة تتخذ من صفر يضرب بها على أخرى مثلها للطرب.

[4] مثخن: مهموم محزون، يقال: أثخنه الهم إذا غلبه.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست