/ قال: فقال ابن هرمة: لئن لم أوت به مربوطا
لأفعلنّ بآل حنين و لأفعلنّ؛ فوهبوا لابن/ الكوسج مائة درهم و ربطوه و أتوا به ابن
هرمة فأطلقه [3]؛ فقال ابن الكوسج: و اللّه لئن عاد لمثلها لأعودنّ [4].
غنى ابن جامع
الرشيد ما شغله به عن غيره فعلم إبراهيم مخارقا لحنا تفوّق به عليه:
أخبرني الحسن
بن عليّ الخفّاف قال حدثني هارون بن محمد بن عبد الملك الزيّات قال حدّثني هارون
بن مخارق عن أبيه قال:
كنّا عند
الرشيد في بعض أيامنا و معنا ابن جامع، فغنّاه ابن جامع و نحن يومئذ بالرّقّة:
- الغناء لابن جامع رمل بإطلاق الوتر في مجرى
الوسطى عن إسحاق، و له فيه أيضا ثقيل أوّل بالوسطى عن عمرو. و ذكرت دنانير عن فليح
أنّ فيه لابن سريج و ابن محرز لحنين-. قال: فاستحسنه الرشيد و أعجب به و استعاده
مرارا و شرب عليه أرطالا حتى سكر، و ما سمع غيره و لا أقبل على أحد، و أمر لابن
جامع بخمسة آلاف دينار؛ فلمّا انصرفنا قال لي إبراهيم: لا ترم [6] منزلك حتى أصير
إليك؛ فصرت/ إلى منزلي، فلم أغيّر ثيابي حتى أعلمني الغلام بموافاته، فتلقّيته في
دهليزي [7]، فدخل و جلس و أجلسني بين يديه ثم قال لي: يا مخارق، أنت فسيلة [8]
منّي و حسني لك و قبيحي عليك، و متى تركنا ابن جامع على ما ترى غلبنا على الرّشيد،
و قد صنعت صوتا على طريقة
[1]
الجفرة: من أولاد الشاء إذا عظم و استكرش، قال أبو عبيد: إذا بلغ ولد المعزى أربعة
أشهر و جفر جنباه و فصل عن أمه و أخذ في الرعي فهو: جفر، و الأنثى جفرة.
[2] كذا في
ط، ء، ح، و هو الأنسب للمعنى. و في سائر الأصول: «جمل» بالجيم.
[3] عبارة ط،
ء: «فأطلقه و قال: و اللّه لئن عاد إلى مثلها لأعودنّ». و هي تفيد أن المهدّد ابن
هرمة لا ابن الكوسج، على خلاف ما يفيده باقي الأصول.
[4] إلى هنا
انتهى المؤلف من أخبار ابن هرمة و عاد إلى إبراهيم الموصلي، و لهذا عنونا به هذه
الصفحة و ما بعدها إلى أخبار إسحاق.
[6] رام
المكان يريمه: برحه، و أكثر ما يستعمل منفيا.
[7] الدهليز
(بالكسر): اسم الممر الذي بين باب الدار و وسطها، فارسيّ معرّب. قال يحيى بن خالد:
«ينبغي للإنسان أن يتأنق في دهليزه، لأنه وجه الدار، و منزل الضيف، و موقف الصديق
حتى يؤذن له، و موضع العلم، و مقيل الخدم، و منتهى حدّ المستأذن».
[8] الفسيلة:
النخلة الصغيرة تقلع من الأرض أو تقطع من الأم فنغترس.