فأتاني الخادم
بالرقعة؛ فقلت له: ما هذا؟ قال: رقعة الجارية فلانة التي غنّتك بين يدي أمير
المؤمنين؛ فأحسنت القصّة فشتمت الخادم و وثبت عليه و ضربته ضربا شفيت به نفسي و
غيظي، و ركبت إلى الرشيد من فوري فأخبرته القصّة/ و أعطيته الرقعة؛ فضحك حتى كاد
يستلقى، ثم قال: على عمد فعلت ذلك بك لأمتحن مذهبك و طريقتك، ثم دعا بالخادم؛ فلما
خرج رآني فقال لي: قطع اللّه يديك و رجليك، ويحك! قتلتني؛ فقلت: القتل و اللّه كان
بعض حقّك لما وردت به عليّ، و لكن رحمتك فأبقيت عليك، [و أخبرت أمير المؤمنين
ليأتي في عقوبتك بما تستحقه. فأمر لي الرشيد بصلة سنيّة] [2]؛ و اللّه يعلم أني ما
فعلت الذي فعلت عفافا و لكن خوفا.
سأله الرشيد
كيف يصنع ألحانه فأجابه:
أخبرني محمد بن
خلف بن المرزبان قال حدّثني حمّاد بن إسحاق قال:
أخبرني أبي أنه
سمع الرشيد و قد سأل جدّي إبراهيم كيف يصنع إذا أراد أن يصوغ الألحان، فقال:
يا أمير
المؤمنين، أخرج الهمّ من فكري و أمثّل الطرب بين عينيّ، فتسوغ [3] لي مسالك
الألحان [التي أريد] [3] فأسلكها بدليل الإيقاع، فأرجع مصيبا ظافرا بما أريد؛
فقال: يحقّ لك يا إبراهيم أن تصيب و تظفر، و إنّ حسن وصفك لمشاكل حسن صنعتك و
غنائك.
فراسة يونس
الكاتب فيه:
أخبرني ابن
المرزبان قال حدّثني حمّاد عن أبيه عن جدّه قال:
أدركت يونس
الكاتب و هو شيخ كبير فعرضت عليه غنائي؛ فقال: إن عشت كنت مغنّي دهرك.
كان أحد من
يتصرّفون في كل مذهب من الأغاني:
قال حمّاد قال
لي محمد بن الحسن: كان لكلّ واحد من المغنّين مذهب في الخفيف و الثقيل، و كان معبد
ينفرد بالثقيل، و ابن سريج بالرّمل، و حكم بالهزج،/ و لم يكن في المغنّين أحد
يتصرّف في كل مذهب من الأغاني إلا ابن سريج و إبراهيم جدّك و أبوك إسحاق.
[1]
في ط، ء و «مختار الأغاني»: «إن كفا إليكم كنيتني».