responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 152

فحدّثته بحديثها، فأمر بإحضارها فحضرت؛ فقال لها: غنّي الصوت الذي حدّثني إبراهيم عنك أنك غنّيته، فغنته و هي تبكي؛ فرقّ الرشيد لها و تغرغرت [1] عيناه، و قال لها: أ تحبّين أن أشتريك؟ فقالت: يا أمير المؤمنين،/ لقد عرضت عليّ ما يقصر عنه الأمل، و لكن ليس من الوفاء أن يملكني أحد بعد سيّدي فينتفع بي؛ فازداد رقّة عليها، و قال: غنّي صوتا آخر، فغنّت:

العين تظهر كتماني و تبديه‌

و القلب يكتم ما ضمّنته فيه‌

فكيف ينكتم المكتوم بينهما

و العين تظهره و القلب يخفيه‌

فأمر بأن تبتاع و تعتق، و لم يزل يجري عليها إلى أن ماتت.

قصته مع الرشيد بشأن الجارية التي عرض بها في مجلسه:

أخبرنا محمد قال حدّثنا حمّاد عن أبيه عن جدّه قال:

قال لي الرشيد يوما: يا إبراهيم، بكّر عليّ غدا حتى نصطبح؛ فقلت [2] له: أنا و الصبح كفرسي رهان؛ فبكّرت فإذا أنا به خاليا [3]، و بين يديه جارية كأنها خوط بان أو جدل عنان، حلوة المنظر، دمثة الشمائل، و في يدها عود؛ فقال لها: غنّى، فغنت في شعر أبي نواس و هو:

توهمه قلبي فأصبح خدّه‌

و فيه مكان الوهم من نظري أثر [4]

و مرّ بفكري خاطرا فجرحته‌

و لم أر جسما قطّ يجرحه الفكر

و صافحه قلبي فآلم كفّه‌

فمن غمز قلبي في أنامله عقر

قال إبراهيم: فذهبت و اللّه بعقلي حتى كدت أن أفتضح، فقلت: من هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذه التي يقول فيها الشاعر:

لها قلبي الغداة و قلبها لي‌

فنحن كذاك في جسدين روح‌

/ ثم قال لها: غنّى، فغنّت:

صوت‌

تقول غداة البين إحدى نسائهم‌

لي الكبد الحريّ فسر و لك الصّبر

و قد خنقتها عبرة فدموعها

على خدّها بيض و في نحرها صفر

- الشعر لأبي الشّيص. و الغناء لعمرو بن بانة، خفيف رمل بالوسطى من كتابه و فيه لمتيّم ثاني ثقيل و خفيف رمل آخر- قال: فشرب و سقاني ثم سقاها، ثم قال: غنّ يا إبراهيم؛ فغنّيت حسب ما في قلبي غير متحفّظ من شي‌ء:


[1] كذا في ط، ء. و في سائر الأصول: «فغنته و هي تبكي فتغرغرت عينا الرشيد ... إلخ».

[2] كذا في ط، ء. و في سائر الأصول: «فكنت أنا و الصبح ... إلخ».

[3] في الأصول: «خال» بالرفع، و القواعد تأباه، إذ هو حال من الضمير في «به».

[4] أثر الجرح (بالضم و بضمتين أيضا): أثره يبقى بعد ما يبرأ.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 5  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست