- الشعر للأحوص، و الغناء لإبراهيم ما خوريّ بالبنصر عن عمرو- قال:
فلما أخذه مخارق جعل أبي يبكي، ثم قال له: يا مخارق، نعم وسيلة [1] إبليس أنت في
الأرض، أنت و اللّه بعدي صاحب اللّواء في هذا الشأن.
استفزه ابنه
إسحاق فتفاخرا في الغناء فحكم له:
أخبرني الحسن
بن عليّ و عمّي قالا حدّثنا عبد اللّه بن أبي سعد قال حدّثني محمد بن عبد اللّه بن
مالك عن إسحاق قال:
لما صنع أبي
لحنه في:
ليت هندا أنجزتنا ما تعد
و شفت أنفسنا مما تجد
خاصمته و عبته
في صنعته، و قلت له: أما بإزائك من ينتقد أنفاسك و يعيب محاسنك و أنت لا تفكّر!
تجيء إلى صوت قد عمل فيه ابن سريج لحنا فتعارضه بلحن لا يقاربه و الشعر أوسع من
ذلك! فدع ما قد اعتورته [2] صناعة القدماء و خذ في غيره؛ فغضب، و كنت لا أزال
أفاخره بصنعتي و أعيب ما يعاب من صنعته، فإن قبل منّي فذلك، و إن غضب داريته و
ترضّيته؛ فقال لي: ما يعلم اللّه أني أدعك أو تفاخرني بخير صوت صنعته في الثقيل
الثاني في طريقة هذا الصوت؛ فلمّا رأيت الجدّ منه اخترت صنعتي في هذا اللّحن:
قل لمن صدّ عاتبا
و نأى عنك جانبا
/ قد
بلغت الذي أرد
ت و إن كنت لاعبا
و كان ما
تجاريناه و نحن نتساير خارجين إلى الصحراء نقطع فضلة خمار بنا [3]؛ فقال: من تحبّ
أن يحكم بيني و بينك؟ فقلت: من ترى أن يحكم هاهنا؟ قال: أوّل من يطلع [علينا] [4]
أغنّيه لحني و تغنّيه لحنك؛ فطمعت فيه و قلت نعم؛ فأقبل شيخ نبطيّ يحمل شوكا على
حمار له، فأقبل عليه أبي فقال: إنّي و صاحبي هذا قد تراضينا بك في شيء؛ قال: و
أيّ شيء هو؟ فقلنا: زعم كلّ واحد منّا أنه أحسن غناء من صاحبه،/ فتسمع منّي و منه
و تحكم؛ فقال: على اسم اللّه؛ فبدأ أبي فغنّى لحنه، و تبعته فغنّيت لحني، فلما
فرغت أقبل عليّ فقال لي: قد حكمت عليك عافاك اللّه و مضى؛ فلطمني أبي لطمة ما مرّ
بي مثلها منه قطّ، و سكتّ فما أعدت عليه حرفا و لا راجعته بعد ذلك في هذا المعنى
حتى افترقنا.
نسبة هذين
الصوتين
صوت
ليت هندا أنجزتنا ما تعد
و شفت أنفسنا ممّا تجد
و استبدّت مرّة واحدة
إنما العاجز من لا يستبدّ
[1]
كذا في ط، ء. و في سائر الأصول: «نعم فيشلة ...».