/ لمّا خرج الرشيد إلى الرّقّة [1] أخرج معه إبراهيم الموصليّ، و كان
به مشغوفا، ففقده في بعض المنازل أيّاما و طلبه فلم يخبره أحد بقصّته؛ ثم أتاه،
فقال له: ويحك! ما خبرك و أين كانت غيبتك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، حديثي عجيب،
نزلنا بموضع كذا و كذا، فوصف لي خمّار، من ظرفه و من نظافة منزله كيت و كيت،
فتقدّمت أمام ثقلى [2] و أتيته مخفّا، فوافيت [3] أطيب منزل و أوسع رحل و أطيب
طعام و أسخى نفس، من شابّ حسن الوجه ظريف العشرة، فأقمت عنده، فلمّا أردت اللّحاق
بأمير المؤمنين أقسم عليّ و أخرج لي من الشراب ما هو أطيب و أجود مما رأيت، فأقمت
ثلاثا، و وهبت له دنانير كانت معي و كسوة، و قلت فيه:
- الشعر و الغناء لإبراهيم خفيف رمل بالبنصر.
قوله: «إزل بشين» كلمة سريانية، تفسيرها: امض بسلام، دعا له بها لما ودّعه- قال
إبراهيم: فقال لي الرشيد: غنّني هذا الصوت، فغنّيته إيّاه و زمر عليه برصوما، فوهب
لي الرشيد مائة ألف درهم و أقطعني ضيعة، و بعث إلى الحمّار فأحضر [5]، و أهدى إلى
الرشيد من ذلك الشراب فوصله؛ و وهب له إبراهيم عشرة آلاف درهم.
قصته مع ابن
جامع و رؤياه:
أخبرني الحسين
بن يحيى و محمد بن مزيد و وكيع قالوا جميعا حدّثنا حمّاد بن إسحاق قال حدّثني أبي
قال:
قال ابن جامع
يوما لأبي: رأيت في منامي كأنّي و إيّاك راكبان في محمل، فسفلت حتى كدت تلصق
بالأرض، و علا الشّقّ الذي أنا فيه، فلأعلونّك في الغناء؛ فقال إبراهيم: الرؤيا
حقّ و التأويل باطل، إنّي و إيّاك كنّا في ميزان، فرجحت بك و شالت كفّتك و علوت
فلصقت بالأرض، فلأبقينّ بعدك و لتموتنّ قبلي. قال إسحاق: فكان كما قال أبي، علا
عليه و أفاد أكثر من فوائده، و مات ابن جامع قبله و عاش أبي بعده.
ألقى على
جارية عبد اللّه بن الربيع صوتا أعجب ابن جامع فأخذ يستعيدها إياه:
أخبرني عبد
اللّه بن الرّبيع الرّبيعيّ قال حدّثتني خديجة بنت هارون بن عبد اللّه بن الرّبيع
قالت حدّثتني خمار [6]