و أنشدني بعض
أصحابنا عن ابن المرزبان عن أحمد بن أبي طاهر عن ابن أبي فنن لأبي العتاهية يخاطب
إبراهيم الموصليّ لمّا حبس:
أيا غمّي لغمّك يا خليلي
و يا ويلي عليك و يا عويلي
يعزّ عليّ أنّك لا تراني
و أنّي لا أراك و لا رسولي
و أنك في محلّ أذى و ضنك
و ليس إلى لقائك من سبيل
و أني لست أملك عنك دفعا
و قد فوجئت بالخطب الجليل
قصته مع
إبراهيم بن المهدي في لحن غناه عند الرشيد:
أخبرني الحسن
بن عليّ الخفّاف قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثنا عبد اللّه بن عمر
قال حدّثني أبو توبة صالح بن محمد عن القطرانيّ المغنّي عن محمد بن جبر، و كان
المهديّ رباه، قال حدّثني إبراهيم بن المهديّ قال:
انصرفت ليلة من
الشّمّاسيّة فمررت بدار إبراهيم الموصليّ، و إذا هو في روشن [3] له و قد صنع لحنه:
و هو يعيده و
يلعب به بنغمه و يكرّره لتستوي له أجزاؤه، و جواريه يضربن عليه، فوقفت تحت الرّوشن
حتى أخذته ثم انصرفت إلى منزلي، فما زلت أعيده حتى بلغت فيه الغاية، و أصبحت فغدوت
إلى الشّمّاسيّة و اجتمعنا عند الرشيد، فاندفع إبراهيم فغنّاه أوّل شيء غنّى،
فلمّا سمعه الرشيد طرب و استحسنه و شرب عليه، ثم قال له: لمن هذا يا إبراهيم؟ قال:
لي يا سيّدي، صنعته البارحة؛ فقلت: كذب يا أمير المؤمنين، هذا الصوت قديم و أنا
أغنّيه؛ فقال لي: غنّه يا حبيبي، فغنّيته كما غنّاه؛ فبهت إبراهيم و غضب الرشيد، و
قال له [5]: يا ابن الفاجرة! أ تكذبني و تدّعي ما ليس لك!. قال: فظلّ إبراهيم
بأسوإ حال؛ فلمّا صلّيت العصر قلت للرشيد: يا أمير المؤمنين، الصوت و حياتك