فقال: إي لعمر
أبيك، و إني لأدمجه إدماجا من لؤلؤ. فردّ محمد بن عمران شهادته في ذلك المجلس. و
قام أبو سعيد من مجلسه مغضبا و حلف ألّا يشهد عنده أبدا. فأنكر أهل المدينة على
ابن عمران ردّه شهادته، و قالوا:
عرّضت حقوقنا
للتّوى [1] و أموالنا للتلف؛ لأنا كنّا نشهد هذا الرجل لعلمنا بما كنت عليه و
القضاة قبلك من الثقة به و تقديمه و تعديله. فندم ابن عمران بعد ذلك على ردّ
شهادته، و وجّه إليه يسأله حضور [2] مجلسه و الشهادة عنده ليقضي بشهادته؛ فامتنع،
و ذكر أنه لا يقدر على/ حضور مجلسه ليمين لزمته إن حضره حنث. قال: فكان ابن عمران
بعد ذلك، إذا ادّعى أحد عنده شهادة أبي سعيد، صار إليه إلى منزله أو مكانه من
المسجد حتّى يسمع منه و يسأله عما يشهد به فيخبره. و كان محمد بن عمران كثير
اللّحم، عظيم البطن. كبير العجيزة، صغير القدمين، دقيق الساقين، يشتدّ عليه المشي،
فكان كثيرا ما يقول: لقد أتعبني هذا الصوت «لقد طفت سبعا» و أضرّ بي ضررا طويلا
شديدا. و أنا رجل ثقال، بتردّدي إلى أبي سعيد لأسمع شهادته.
ردّ المطلب
بن حنطب شهادته فقال له شعرا فقلها:
أخبرني عمّي
قال حدّثنا الكرانيّ قال حدّثنا النّضر بن عمرو عن الهيثم بن عديّ قال:
كان المطّلب بن
عبد اللّه بن حنطب قاضيا على مكة، فشهد عنده أبو سعيد مولى فائد بشهادة؛ فقال له
المطّلب: [ويحك!] [3] أ لست الذي يقول:
لقد طفت سبعا قلت لمّا قضيتها
ألا ليت هذا لا عليّ و لا ليا
لا قبلت لك
شهادة أبدا. فقال له أبو سعيد: أنا و اللّه الذي أقول: