فقام إليه نوفل
بن مساحق فقال: يا أمير المؤمنين، أقررنا بالذّنب و طلبنا المعذرة؛ فعد بحلمك،
فذلك ما يشبهنا منك و يشبهك منّا؛ فقد قال من ذكرت من بعد بيتيه الأوّلين:
أخبرني الحرمي
و الطّوسيّ قالا حدّثنا الزّبير قال حدّثني محمد بن الضحّاك عن المنذر بن عبد
اللّه الحزاميّ:
أنّ عراك [4]
بن مالك كان من أشدّ أصحاب عمر بن عبد العزيز على بني مروان في انتزاع ما حازوا من
الفيء و المظالم من أيديهم. فلمّا ولي يزيد بن عبد الملك ولّى عبد الواحد بن عبد
اللّه النّصري [5] المدينة، فقرّب عراك بن مالك و قال: صاحب الرجل الصالح، و كان
لا يقطع أمرا دونه، و كان يجلس معه على سريره. فبينا هو معه إذ أتاه كتاب يزيد بن
عبد الملك: أن ابعث مع عراك بن مالك حرسيا حتى ينزله أرض دهلك و خذ من عراك/
حمولته.
فقال لحرسيّ
بين يديه و عراك معه على السرير: خذ بيد عراك فابتع من ماله راحلة ثم توجّه به نحو
دهلك حتى تقرّه فيها؛ ففعل ذلك الحرسيّ. قال: و أقدم الأحوص؛ فمدحه الأحوص؛ فأكرمه
و أعطاه. قال: فأهل دهلك يأثرون الشعر عن الأحوص، و الفقه عن عراك ابن مالك.
كاد له
الجراح الحكمي بأذربيجان لهجائه يزيد بن المهلب و أهانه:
أخبرني أبو
خليفة الفضل بن الحباب عن محمد بن سلّام عن أبي الغرّاف [6] عمن يثق به قال:
بعث يزيد بن
عبد الملك حين قتل يزيد بن المهلّب في الشعراء، فأمر بهجاء يزيد بن المهلّب، منهم
الفرزدق و كثيّر و الأحوص. فقال الفرزدق: لقد امتدحت بني/ المهلّب بمدائح ما
امتدحت بمثلها أحدا، و إنه لقبيح بمثلي أن
[2] أبل: أصله أبالي، فحذف آخره للجازم، ثم
حذفت حركة اللام تخفيفا كما تحذف نون يكون بعد الجازم، ثم حذفت الألف لالتقاء
الساكنين.
[3] هذه كلمة
تقال للعاثر، و معناها: دع العثار و قم و انتعش و اسلم، و قد تجعل اسما كالكلمة و
تعرب؛ قال الشاعر:
لحي اللّه قوما لم يقولوا لعاثر
و لا لابن عم ناله العثر دعدعا
[4] هو عراك بن مالك الغفاري التابعي، مات في
ولاية يزيد بن عبد الملك. و قد ورد هذا الاسم محرّفا في أكثر الأصول.
[5] كذا في
ح، م. و هو الموافق لما في «الخلاصة» (ص 247) و «تهذيب التهذيب» (ج 2 ص 436) و
«الأنساب» للسمعاني. و ينتسب كما هو مذكور في الأخيرين إلى نصر بن معاوية بن بكر
بن هوازن بن مالك بن عوف. و قد أصلح المرحوم الأستاذ الشنقيطي نسخته بما صوبناه. و
في ب، س: «البصري» و هو تصحيف.
[6] كذا في ح.
و في سائر النسخ: «أبو العوّام» و هو تحريف. و أبو الغراف هذا من شيوخ ابن سلام.