طويس لقب، و
اسمه طاوس [2]، مولى بني مخزوم. و هو أوّل من غنّى الغناء المتقن من المخنّثين. و
هو أوّل من صنع الهزج و الرّمل في الإسلام. و كان يقال: أحسن الناس غناء في
الثّقيل ابن محرز، و في الرمل ابن سريج، و في الهزج طويس. و كان الناس يضربون به
المثل، فيقال: «أهزج من طويس».
غنى أبان بن
عثمان بالمدينة فطرب و سأله عن عقيدته و عن سنه و عن شؤمه:
أخبرني محمد بن
مزيد بن أبي الأزهر و الحسين بن يحيى قالا: حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن ابن
الكلبيّ عن أبيه و أبي مسكين، قال إسحاق: و حدّثني المدائنيّ و الهيثم بن عديّ عن
صالح بن كيسان:
أنّ أبان بن
عثمان وفد على عبد الملك بن مروان، فأمّره على الحجاز؛ فأقبل حتّى إذا دنا من
المدينة تلقّاه أهلها، و خرج إليه أشرافها، فخرج معهم طويس؛ فلمّا رآه سلّم عليه،
ثم قال له: أيها الأمير، إنّي كنت أعطيت اللّه عهدا لئن رأيتك أميرا لأخضبنّ يديّ
إلى المرفقين، ثم أزدو [3] بالدّفّ بين يديك، ثم أبدى عن دفّه و تغنّى بشعر ذي جدن
الحميريّ:
ما بال أهلك يا رباب
خزرا كأنّهم غضاب
قال: فطرب أبان
حتى كاد أن يطير، ثم جعل يقول له: حسبك يا طاوس- و لا يقول له: يا طويس لنبله في
عينه- ثم قال له: اجلس فجلس. فقال له أبان: قد زعموا أنّك كافر. فقال: جعلت فداءك!
و اللّه إنّي لأشهد أن لا إله/ إلّا اللّه و أنّ محمدا رسول اللّه، و أصلّي الخمس،
و أصوم شهر رمضان، و أحجّ البيت. فقال: أ فأنت أكبر أم عمرو بن عثمان؟- و كان عمرو
أخا أبان لأبيه و أمّه- فقال له طويس: أنا و اللّه، جعلت فداءك، مع جلائل [4] نساء
قومي، أمسك بذيولهنّ يوم زفّت أمّك المباركة إلى أبيك الطيّب [5]. قال: فاستحيا
أبان و رمى بطرفه إلى الأرض.
[1]
تقدمت لطويس ترجمة أخرى في الجزء الثالث من هذه الطبعة (صفحة 27- 44). و قد ذكرنا
هناك ما قد يكون سببا في تكرار الترجمة، و بينا سبب عدم ضمنا إحدى الترجمتين إلى
الأخرى.
[2] تقدم في
ترجمته في الجزء الثالث من هذا الكتاب أن اسمه عيسى بن عبد اللّه.
[4] كذا في
ح، ط، ء. و في سائر النسخ: «حلائل» بالحاء المهملة، و هو تصحيف.
[5] قال ابن
عبد ربه في «العقد الفريد» (ج 3 ص 242) بعد أن ساق هذه القصة: «انظر إلى حذفه ورقة
أدبه كيف لم يقل أمك الطيبة إلى أبيك المبارك». و فسر ذلك الجاحظ في كتابه
«الحيوان» (ج 4 ص 19) فقال: «و لو قال شهدت زفاف أمك الطيبة إلى أبيك المبارك لم
يحسن ذلك؛ لأن قولك طيب إنما يدل على قدر ما اتصل به من الكلام، و قد قال الشاعر:
و الطيبون معاقد الأزر
و قد يخلو
الرجل بالمرأة فيقول وجدتها طيبة، يريد طيبة الكوم (الوطء) لذيذة نفس الوطء».