/ بني الحجّاج، و عريض [1] أبو يسار غلام بني العاصي بن سعيد، فأتوا
بهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و هو يصلّي. فسألوهما فقالا [2]: نحن سقاة
لقريش بعثونا نسقيهم من الماء. فكره القوم خبرهما و رجوا أن يكونا لأبي سفيان
فضربوهما، فلمّا أذلقوهما [3] قالا: نحن لأبي سفيان، فتركوهما. و ركع رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و سلّم و سجد سجدتين ثم سلّم، ثم قال: «إذا صدقاكم ضربتموهما،
فإذا كذباكم تركتموهما، صدقا و اللّه إنّهما لقريش. أخبراني أين قريش»؟ قالا: هم
وراء [هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى [4]- و] الكثيب: العقنقل- فقال لهما رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «كم القوم»؟ قالا: لا ندري. قال: «كم ينحرون كلّ
يوم»؟ قالا: يوما تسعا و يوما عشرا. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«القوم ما بين التّسعمائة [5] و الألف». ثم قال لهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
سلّم: «فمن فيهم من أشراف قريش»؟ قالا: عتبة بن ربيعة، و شيبة بن ربيعة، و أبو
البختريّ بن هشام، و حكيم بن حزام، و نوفل بن خويلد، و الحارث بن عامر بن نوفل، و
طعيمة بن عديّ، و النّضر بن الحارث، و زمعة [6] بن الأسود، و أبو جهل بن هشام، و
أميّة بن/ خلف، و نبيه و منبّه ابنا الحجّاج، و سهيل بن عمرو، و عمرو بن ودّ.
فأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على الناس فقال: «هذه مكة قد رمت إليكم
أفلاذ/ كبدها».
قدم أبو
سفيان إلى بدر متجسسا ثم اتجه بالعير نحو الساحل:
قال ابن إسحاق
[7]: و قد كان بسبس بن عمرو و عديّ بن أبي الزّغباء مضيا حتّى نزلا بدرا فأناخا
إلى تلّ قريب من الماء، ثم أخذا شنّا [8] يستقيان فيه، و مجديّ بن عمرو الجهنيّ
على الماء، فسمع عديّ و بسبس جاريتين من جواري الحاضر و هما تتلازمان [9] على
الماء، و الملزومة تقول لصاحبتها: إنّما تأتي العير غدا أو بعد غد فأعمل لهم ثم
أقضيك الذي لك. قال مجديّ: صدقت، ثم خلّص بينهما. و سمع ذلك عديّ و بسبس فجلسا على
بعيريهما ثم انطلقا حتى أتيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فأخبراه بما سمعا.
و أقبل أبو سفيان قد [9] تقدّم العير حذرا حتى ورد الماء، فقال
[1]
كذا في «السيرة لابن هشام» (ج 1 ص 436) «و الطبري» (ص 1303 من القسم الأوّل. و في
الأصول: «غريض بن يسار» بالغين المعجمة.
[2] كذا في
الطبري و «السيرة». و في الأصول: «فقالوا».
[3] أذلقه:
أضعفه و أقلقه. و في حديث عائشة أنها كانت تصوم في السفر حتى أذلقها الصوم أي
أجهدها و أذابها و أقلقها.
[5] الفصيح
في العدد المضاف أن يعرف المضاف إليه، و جوز بعضهم تعريف الطرفين. أما تعريف
الأوّل دون الثاني فغير صواب. و على هذا يحمل ما ورد من الأحاديث من هذا النوع على
أنه مروي بالمعنى. على أن بعضهم خرجه بتقدير مضاف نكرة، فيقول في مثل ما هنا: «بين
التسع تسع مائة».
[6] ضبطه
صاحب «المغني» في «أسماء رجال الحديث» المطبوع بهامش «تقريب التهذيب» (ص 101 طبع
الهند) بالعبارة هكذا: «زمعة بزاي و ميم مفتوحتين و عين مهملة و أكثر الفقهاء و
المحدّثين يسكنون الميم، و الدسودة ... إلخ». و قال صاحب «القاموس»: و زمعة بالفتح
و يحرّك». و ضبطه الفيومي في «المصباح» بفتح الميم، ثم قال: «و المحدّثون يقولون:
زمعة بالسكون، و لم أظفر به في «كتب اللغة». و في «شرح المواهب اللدنية» (ج 3 ص
271) قال: «زمعة بزاي فميم فعين مهملة مفتوحات». و قال ابن الأثير: «و أكثر ما
سمعنا أهل الحديث و الفقهاء يقولونه بسكون الميم. و قول «المصباح»: لم أظفر
بالسكون في «كتب اللغة» قصور؛ فقد قدّمه «القاموس» ثم حكى الفتح؛ فظاهره أن السكون
أكثر لغة».
[7] في
الأصول: «قالوا و قد كان بسبس إلخ»، و التصويب عن «السيرة».
[10] كذا في
صلب الطبري (ص 1305 قسم أوّل طبع أوروبا). و في الأصول: «حين تقدم». و في «سيرة
ابن هشام»: «حتى تقدم» و كلتا الروايتين أشير إليها في هامش الطبري.