responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 4  صفحة : 325

إنّ الصديق يلجّ في غشيانه‌

لصديقه فيملّ من غشيانه‌

حتّى تراه بعد طول مسرّة

بمكانه متبرّما بمكانه‌

و أقلّ ما يلفى الفتى ثقلا على‌

إخوانه ما كفّ عن إخوانه‌

و إذا توانى عن صيانة نفسه‌

رجل تنقص و استخفّ بشانه‌

فلمّا قرأ الأبيات قال: سبحان اللّه! أ تهجرني لمنعي إيّاك شيئا تعلم أنّي ما ابتذلت نفسي له قطّ، و تنسى مودّتي و أخوّتي، و من دون ما بيني و بينك ما أوجب عليك أن تعذرني! فكتب إليه:

أهل التّخلّق لو يدوم تخلّق‌

لسكنت ظلّ جناح من يتخلّق‌

ما الناس في الإمساك إلا واحد

فبأيّهم إن حصّلوا [1] أتعلّق‌

هذا زمان قد تعوّد أهله‌

تيه الملوك و فعل من يتصدّق [2]

فلمّا أصبح صالح غدا بالأبيات على الفضل بن يحيى و حدّثه بالحديث؛ فقال له: لا و اللّه ما على الأرض أبغض إليّ من إسداء عارفة إلى أبي العتاهية؛ لأنه ممن ليس/ يظهر عليه أثر صنيعة، و قد قضيت حاجته لك؛ فرجع و أرسلني إليه بقضاء حاجته [3]. فقال أبو العتاهية:

جزى اللّه عنّي صالحا بوفائه‌

و أضعف أضعافا له في جزائه‌

بلوت رجالا بعده في إخائهم‌

فما ازددت إلّا رغبة في إخائه‌

صديق إذا ما جئت أبغيه حاجة

رجعت بما أبغي و وجهي بمائه‌

أخبرني الصّوليّ قال حدّثني محمد بن موسى قال حدّثني أحمد بن حرب قال:

أنشدني محمد بن أبي العتاهية لأبيه يعاتب صالحا هذا في تأخيره قضاء حاجته:

صوت‌

أ عينيّ جودا و ابكيا ودّ صالح‌

و هيجا عليه معولات النّوائح‌

فما زال سلطانا أخ لي أودّه‌

فيقطعني جرما [4] قطيعة صالح‌

/ الغناء في هذين البيتين لإبراهيم ثقيل أوّل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر.

أمر الرشيد مؤدّب ولده أن يرويهم شعره:

أخبرني محمد بن أبي الأزهر قال حدّثني حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن جدّه قال:

كان الرشيد معجبا بشعر أبي العتاهية، فخرج إلينا يوما و في يده رقعتان على نسخة واحدة، فبعث بإحداهما


[1] حضلوا: خبروا و ميزوا.

[2] يتصدّق هنا: يسأل.

[3] أي رجع الفضل و أرسلني إلى أبي العتاهية بقضاء حاجته.

[4] في ء: «جزما». و في سائر النسخ: «حزما» بالحاء المهملة. و يظهر أن كليهما مصحف عما أثبتناه.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 4  صفحة : 325
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست