يرجو أن يتكلّم الفضل بن الربيع في أمره، فأبطأ عليه بذلك؛ فكتب إليه
أبو العتاهية:
أ جفوتني فيمن جفاني
و جعلت شأنك غير شأني
و لطالما أمّنتني
ممّا أرى كلّ الأمان
حتّى إذا انقلب الزّما
ن عليّ صرت مع الزمان
فكلّم الفضل
فيه الرشيد فرضي عنه. و أرسل إليه الفضل يأمره بالشخوص. و يذكر له أنّ أمير
المؤمنين قد رضي عنه؛ فشخص إليه. فلما دخل إلى الفضل أنشده قوله فيه:
/
قد دعوناه نائيا فوجدنا
ه على نأيه قريبا سميعا
فأدخله إلى
الرشيد، فرجع إلى حالته الأولى.
كان يزيد بن
منصور يحبه و يقربه فرثاه عند صوته:
أخبرنا يحيى بن
عليّ بن يحيى إجازة قال حدّثني عليّ بن مهديّ قال حدّثني الحسين بن أبي السّريّ
قال:
كان يزيد بن
منصور خال المهديّ يتعصب لأبي العتاهية؛ لأنه كان يمدح اليمانية أخوال المهديّ في
شعره؛ فمن ذلك قوله:
صوت
سقيت الغيث يا قصر السّلام
فنعم محلّة الملك الهمام
لقد نشر الإله عليك نورا
و حفّك بالملائكة الكرام
سأشكر نعمة المهديّ حتّى
تدور عليّ دائرة الحمام
له بيتان بيت تبّعيّ
و بيت حلّ بالبلد الحرام
قال: و كان أبو
العتاهية طول حياة يزيد بن منصور يدّعي أنه مولى لليمن و ينتفي من عنزة؛ فلمّا مات
يزيد رجع إلى ولائه الأوّل. فحدّثني الفضل بن العبّاس قال: قلت له: أ لم تكن تزعم
أنّ ولاءك لليمن؟! قال: ذلك شيء احتجنا إليه في ذلك الزمن، و ما في واحد ممّن
انتميت إليه خير، و لكنّ الحقّ أحقّ أن يتّبع. و كان ادّعى ولاء اللّخميّين. قال:
و كان يزيد بن منصور من أكرم النّاس و أحفظهم لحرمة، و أرعاهم لعهد، و كان بارّا
بأبي العتاهية، كثيرا فضله عليه؛ و كان أبو العتاهية منه في منعة و حصن حصين مع
كثرة ما يدفعه إليه و يمنعه من المكاره. فلمّا مات قال أبو العتاهية يرثيه: