: أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثنا أبو حاتم،
عن أبي عبيدة، عن جهم السليطيّ، عن إياس بن شبة، عن عقال بن صعصعة، قال:
أجدبت بلاد تميم، و أصابت
بني حنظلة سنة [4] في خلافة عثمان، فبلغهم خصب عن بلاد كلب بن وبرة، فانتجعتها بنو
حنظلة، فنزلوا أقصى الوادي، و تسرّع غالب بن صعصعة فيهم وحده دون بني مالك [5] بن
حنظلة، و لم يكن مع بني يربوع من بني مالك غير غالب [5]، فنحر ناقته فأطعمهم
إيّاها، فلما وردت إبل سحيم بن وثيل الرّياحيّ حبس منها ناقة، فنحرها من غد، فقيل
لغالب: إنما نحر سحيم مواءمة لك- أي مساواة لك- فضحك غالب، و قال: كلا، و لكنه
امرؤ كريم، و سوف أنظر في ذلك، فلما وردت إبل غالب حبس منها ناقتين، فنحرهما،
فأطعمهما بني يربوع، فعقر سحيم ناقتين، فقال غالب: الآن علمت أنه يوائمني، فقعر
غالب عشرا، فأطعمها بني يربوع فعقر سحيم عشرا، فلما بلغ غالبا فعله ضحك، و كانت
إبله ترد لخمس، فلما وردت عقرها كلها عن آخرها،/ فالمكثر يقول: كانت أربعمائة، و
المقلّ يقول: كانت مائة، فأمسك سحيم حينئذ؛ ثم إنه عقر في خلافة عليّ بن أبي طالب
صلوات اللّه عليه بكناسة الكوفة مائتي ناقة و بعير، فخرج الناس بالزنابيل/ و
الأطباق و الحبال لأخذ اللحم، و رآهم عليّ عليه السلام، فقال: أيّها الناس لا يحل
لكم، إنّما أهلّ [6] بها لغير اللّه عزّ و جلّ. قال: فحدثني من حضر ذلك قال: كان
الفرزدق يومئذ مع أبيه و هو غلام، فجعل غالب يقول: يا بنيّ، اردد عليّ، و الفرزدق
يردّها عليه، و يقول له: يا أبت اعقر، قال جهم: فلم يغن عن سحيم فعله، و لم يجعل
كغالب إذا لم يطق فعله.
يقيد نفسه حتى يحفظ
القرآن
: حدثني محمد بن يحيى عن محمد بن القاسم- يعني أبا
العيناء- عن أبي زيد النحويّ، عن أبي عمرو قال:
جاء غالب أبو الفرزدق إلى
عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليه بالفرزدق بعد الجمل بالبصرة، فقال: إن ابني هذا
من شعراء مضر [7] فاسمع منه، قال: علمه القرآن، فكان ذلك في نفس الفرزدق، فقيّد
نفسه في وقت، و آلى: