/ ولّى المنصور زياد بن عبد اللّه الحارثيّ مكة و
المدينة، قال أشعب: فلقيته بالجحفة [1] فسلّمت عليه، قال:
فحضر الغداء، و أهدي إليه
جدّي فطبخه مضيرة، و حشيت القبة [2] قال: فأكلت أكلا أتملّح به، و أنا أعرف صاحبي،
ثم أتي بالقبّة، فشققتها، فصاح الطبّاخ: إنا للّه! شقّ القبة، قال: فانقطعت، فلما
فرغت قال: يا أشعب! هذا رمضان قد حضر، و لا بدّ أن تصلي بأهل السجن، قلت: و اللّه
ما أحفظ من كتاب اللّه إلا ما أقيم به صلاتي، قال: لا بدّ منه، قال: قلت: أ و لا
آكل جديا مضيرة؟ قال: و ما أصنع به و هو في بطنك؟ قال: قلت: الطّريق بعيد أريد أن
أرجع إلى المدينة، قال: يا غلام، هات ريشة ذنب ديك- قال أشعب: و الجحفة أطول بلاد
اللّه ريشة ذنب ديك- قال:
فأدخلت في حلقي فتقيّأت ما
أكلت، ثم قال لي: ما رأيك؟ قال: قلت: لا أقيم ببلدة يصاح فيها: شقّ القبة، قال:
لك وظيفة على السلطان و
أكره أن أكسرها عليك، فقل و لا تشطط قال: قلت: نصف درهم كراء حمار يبلّغني
المدينة، قال: أنصفت و أعطانيه.
من طرائف أشعب
أخبرنا أحمد، قال: حدّثنا
محمد بن القاسم، قال: أخبرني أبو مسلم، عن المدائنيّ، قال:
أتي أشعب بفالوذجة عند بعض
الولادة، فأكل منها، فقيل له: كيف تراها يا أشعب؟ قال: امرأته طالق إن لم تكن عملت
قبل أن يوحي اللّه عز و جل إلى النحل.
أخبرنا أحمد، قال: حدّثنا
محمد بن القاسم، قال: حدّثنا عبد اللّه بن شعيب الزّبيريّ [3]، عن عمّه. قال أبو
بكر: و حدّثني ابن أبي سعد، قال: حدّثني عبد اللّه بن شعيب [3] و هو أتمّ من هذا و
أكثر كلاما، قال:
/ جاء/
أشعب إلى أبي بكر بن يحيى من آل الزبير، فشكا إليه، فأمر له بصاع من تمر، و كانت
حال أشعب رثّة، فقال له أبو بكر بن يحيى: ويحك يا أشعب! أنت في سنّك و شهرتك تجيء
في هذه الحال فتضع نفسك فتعطي مثل هذا؟ اذهب فادخل الحمام فاخضب لحيتك، قال أشعب:
ففعلت، ثم جئته فألبسني ثياب صوف له و قال: اذهب الآن فاطلب، قال: فذهبت إلى هشام
بن الوليد صاحب البغلة من آل أبي ربيعة، و كان رجلا شريفا موسرا، فشكا إليه فأمر
له بعشرين دينارا، فقبضها أشعب و خرج إلى المسجد، و طفق كلما جلس في حلقة يقول:
أبو بكر بن يحيى، جزاه
اللّه عني خيرا، أعرف الناس بمسألة، فعل بي و فعل، فيقص قصته، فبلغ ذلك أبا بكر
فقال: يا عدوّ نفسه! فضحتني في الناس، أ فكان هذا جزائي!.
أخبرنا أحمد، قال: قال:
حدّثني محمد بن القاسم، قال: أخبرني محمد بن الحسين بن عبد الحميد، قال:
حدّثني شيخ أنه نظر إلى
أشعب بموضع يقال له الفرع [4] يبكي و قد خضب بالحناء، فقالوا: يا شيخ ما يبكيك؟
قال: لغربة هذا الجناح، و كان على دار واحدة ليس بالفرع غيره.
أخبرنا أحمد، قال: حدثنا
محمد بن القاسم بن مهرويه، قال: أخبرني محمد بن الحسين، قال: حدّثني أبي، قال:
[1]
الجحفة: قرية كبيرة على طريق المدينة
من مكة على أربع مراحل. و في ب «بالمحفة» تحريف.