أخبرني هاشم بن محمد
الخزاعيّ، قال: حدّثنا عمر بن شبّة، قال: حدّثني محمد بن يحيى أبو غسّان، عن غسّان
بن عبد الحميد قال:
كان بالمدينة امرأة يقال
لها: صهباء من أحسن الناس وجها، و كانت من هذيل، فتزوّجها ابن عمّ لها، فمكث حينا
معها لا يقدر عليها من/ شدّة ارتتاقها، فأبغضته و طالبته بالطّلاق، فطلّقها. ثم
أصاب الناس مطر شديد في الخريف، فسال العقيق سيلا عظيما، و خرج أهل المدينة، و
خرجت صهباء معهم، فصادفت عبد اللّه بن جحش و أصحابه في نزهة، فرآها و افترقا.
يهيم بصهباء و يتقدم
لخطبتها
ثم مضت إلى أقصى الوادي
فاستنقعت في الماء و قد تفرّق النّاس و خفّوا، فاجتاز بها ابن جحش فرآها فتهالك
عليها و هام بها، و كان بالمدينة امرأة تدلّ على النّساء يقال لها: قطنة، كانت
تداخل القرشيّات و غيرهن، فلقيها ابن جحش فقال لها: اخطبي عليّ صهباء، فقالت: قد
خطبها عيسى بن طلحة بن عبيد اللّه و أجابوه، و لا أراهم يختارونك عليه، فشتمها ابن
جحش و قال لها: كلّ مملوك له فهو حرّ، لئن لم تحتالي فيها حتى أتزوّجها لأضربنّك
ضربة بالسيف- و كان مقداما جسورا- ففرقت منه فدخلت على صهباء و أهلها، فتحدّثت
معهم، ثم ذكرت ابن عمّها، فقالت لعمة صهباء: ما باله فارقها، فأخبرتها خبرها، و
قالت: لم يقدر عليها و عجز عنها. فقالت لها:
و أسمعت صهباء-: إنّ هذا
ليعتري كثيرا من الرجال فلا ينبغي أن تتقدّموا في أمرها إلا على من تختبرونه، و
أما و اللّه لو كان ابن جحش لصهباء/ لثقبها ثقب اللّؤلؤ و لو رتقت بحجر، ثم خرجت
من عندهم.
زواجه بصهباء
فأرسلت إليها صهباء: مري
ابن جحش فليخطبني، فلقيته قطنة فأخبرته الخبر، فمضى فخطبها، فأنعمت له [1] و أبى
أهلها إلا عيسى بن طلحة، و أبت هي إلا ابن جحش، فتزوّجته و دخل بها و افتضّها، و
أحبّ كلّ واحد منهما صاحبه فقال فيها: