أخبرنا محمد بن خلف وكيع،
قال: حدّثني أحمد [2] بن إسحاق، عن أبيه، قال: حدّثني عزيز بن طلحة بن عبد اللّه
بن عثمان بن الأرقم المخزوميّ، قال: حدّثني غير واحد من مشيخة قريش، قالوا:
لم يكن رجل من ولاة أولاد
عبد الملك بن مروان كان أنفس على قومه، و لا أحسد/ لهم من الوليد بن عبد الملك.
فأذن يوما للنّاس فدخلوا عليه؛ و أذن للشّعراء، فكان أوّل من بدر بين يديه عويف
القوافي الفزاريّ، فاستأذنه في الإنشاد فقال: ما بقّيت لي بعد ما قلت لأخي بني
زهرة! قال: و ما قلت له مع ما قلت لأمير المؤمنين؟
أ لم تقم علينا السّاعة
يوم قامت عليه؟ لا و اللّه لا أسمع منك شيئا، و لا أنفعك بنافعة أبدا، أخرجوه
عنّي.
قصته مع طلحة أخي بني
زهرة
فلما أخرج قال له
القرشيّون و الشاميّون: و ما الّذي أعطاك طلحة حين استخرج هذا منك؟ قال: أما و
اللّه لقد أعطاني غيره أكثر من عطيّته، و لكن لا و اللّه ما أعطاني أحد قطّ أحلى
في قلبي و لا أبقى شكرا و لا أجدر ألّا أنساها ما عرفت الصّلات من عطيّته، قالوا:
و ما أعطاك؟ قال: قدمت المدينة و معي بضيعة [4] لي لا تبلغ عشرة دنانير، أريد أن
أبتاع قعودا من قعدان الصّدقة، فإذا برجل في صحن السّوق على طنفسة [5] قد طرحت له،
و إذا النّاس حوله، و إذا بين يديه إبل معلوفة [6] له، فظننت/ أنه عامل السّوق،
فسلّمت عليه، فأثبتني و جهلته، فقلت: أي رحمك اللّه، هل أنت معيني ببصرك على قعود
من هذه القعدان تبتاعه لي؟ فقال: نعم، أو معك ثمنه؟ فقلت: نعم، فأهوى بيده إليّ
فأعطيته بضيعتي، فرفع طنفسته و ألقاها تحتها، و مكث طويلا، ثم قمت إليه فقلت: أي
رحمك اللّه، انظر في حاجتي فقال: ما منعني منك إلا النّسيان، أ معك حبل؟ قلت: نعم،
قال: هكذا أفرجوا، فأفرجوا عنه حتى استقبل