responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 17  صفحة : 54

وهب لها الأمين من الجوهر ما لم يملك مثله أحد

و قد روى محمد بن الحسن الكاتب هذا الخبر، عن ابن المكّيّ، عن أبيه، و قال فيه: إن محمدا وهب لها من الجوهر شيئا لم يملك أحد مثله، فسلّم لها، فكانت تخرج منه الشي‌ء بعد الشي‌ء فتبيعه بالمال العظيم، فكان ذلك معتمدها مع ما يصل إليها من الخلفاء إلى أن ماتت و عندها منه بقيّة عظيمة.

إباؤها الزواج حتى موتها

قال: و رغب إليها وجوه القوّاد و الكتّاب و الهاشميّين في التزويج، فأبت و أقامت على حالها حتى ماتت.

علي بن هشام في موكبه إليها

قال أبو حشيشة في خبره: و كنت عند بذل يوما و أنا غلام، و ذلك في أيام المأمون ببغداد، و هي في طارمة [1] لها تمتشط، ثم خرجت إلى الباب، فرأيت الموكب، فظننت أنّ الخليفة يمرّ في ذلك الموضع، فرجعت إليها فقلت: يا ستّي [2]؛ الخليفة يمرّ على بابك؟ فقالت: انظروا أيّ شي‌ء هذا؟ إذ دخل بوّابها فقال: علي بن هشام بالباب. فقالت: و ما أصنع به! فقامت إليها وشيكة [3] جاريتها- و كانت ترسلها إلى الخليفة و غيره في حوائجها-/ فأكبّت على رجلها، و قالت: اللّه، اللّه! أ تحجبين عليّ بن هشام! فدعت بمنديل فطرحته على رأسها و لم تقم إليه، فقال: إني جئتك بأمر سيدي أمير المؤمنين، و ذلك أنه سألني عنك، فقلت: لم أرها منذ أيام. فقال: هي عليك غضبى، فبحياتي لا تدخل منزلك حتى تذهب إليها فسترضيها.

تكتب اثني عشر ألف صوت‌

فقالت: إن كنت جئت بأمر الخليفة فأنا أقوم. فقامت فقبّلت رأسه و يديه [4] و قعد ساعة و انصرف، فساعة خرج قالت: يا وشيكة، هاتي دواة و قرطاسا، فجعلت تكتب فيه [5] يومها و ليلتها حتى كتبت اثني عشر ألف صوت- و في بعض النسخ: «رءوس سبعة آلاف صوت»- ثم كتبت إليه: يا عليّ بن هشام، تقول: قد استغنيت عن بذل بأربعة آلاف صوت أخذناها منها، و قد كتبت هذا و أنا ضجرة، فكيف لو فرّغت لك قلبي كلّه! و ختمت الكتاب، و قالت لها: امضي به إليه.

فما كان أسرع من أن جاء رسوله- خادم أسود يقال له مخارق- بالجواب يقول فيه: يا ستّي، لا و اللّه ما قلت الذي بلغك، و لقد كذب عليّ عندك؛ إنما قلت: لا ينبغي أن يكون في الدنيا غناء أكثر من أربعة آلاف صوت، و قد بعثت إليّ بديوان لا أؤدّي شكرك عليه أبدا./ و بعث إليها عشرة آلاف درهم، و تخوتا [6] فيها خزّ و وشي و ملح، و تختا مطبقا فيه ألوان الطّيب.

علي بن هشام يعاتبها في جفوة نالته منها

أنشدني عليّ بن سليمان الأخفش لعليّ بن هشام يعاتب بذلا في جفوة نالته منها:


[1] الطارمة: بيت من الخشب، كالقبة.

[2] ستّي: كلمة مولّدة، و في نهاية الأرب: يا «سيدتي».

[3] في مختار الأغاني «وشيك»، بغير تاء.

[4] في ب، س «فقبلت رأسه و رجليه».

[5] في أ «به».

[6] التخوت: جمع تخت؛ و هو وعاء تصان فيه الثياب.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 17  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست