responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 17  صفحة : 11

فبلغ ذلك خالدا، فقال: فعلها! و اللّه لأقتلنّه. ثم اشترى ثلاثين جارية بأغلى ثمن، و تخيّرهنّ نهاية في حسن الوجوه و الكمال و الأدب، فروّاهنّ/ الهاشميّات، و دسّهنّ مع نخّاس إلى هشام بن عبد الملك، فاشتراهنّ جميعا، فلما أنس بهنّ استنطقهنّ، فرأى فصاحة و أدبا، فاستقرأهنّ القرآن، فقرأن، و استنشدهنّ الشعر، فأنشدنه قصائد الكميت الهاشميّات. فقال: ويلكنّ! من قائل هذا الشعر؟ قلن: الكميت بن زيد الأسديّ. قال: و في أيّ بلد هو؟

قلن: في العراق، ثم بالكوفة. فكتب إلى خالد و هو عامله على العراق: ابعث إليّ برأس الكميت بن زيد، فبعث خالد إلى الكميت في الليل، فأخذه و أودعه السّجن. و لما كان من الغد أقرأ من حضره من مضر كتاب هشام، و اعتذر إليهم من قتله، و آذنهم في إنفاذ الأمر فيه في غد، فقال لأبان بن الوليد البجليّ- و كان صديقا للكميت-:

انظر ما ورد في صديقك. فقال: عزّ عليّ و اللّه [ما] به، ثم قام أبان، فبعث إلى الكميت فأنذره، فوجّه إلى امرأته.

مسلمة بن هشام يجيره و يحتال في خلاصه‌

ثم ذكر الخبر في خروجه و مقامها مكانه، كما ذكر من تقدّمه. و قال فيه: فأتى مسلمة بن عبد الملك فاستجار به، فقال: إني أخشى ألّا ينفعك جواري عنده، و لكن استجر بابنه مسلمة بن هشام. فقال: كن أنت السفير بيني و بينه في ذلك، ففعل مسلمة، و قال لابن أخيه: قد أتيتك بشرف الدّهر، و اعتقاد الصّنيعة في مضر، و أخبره الخبر؛ فأجاره مسلمة بن هشام. و بلغ ذلك هشاما فدعا به، ثم قال: أ تجير على أمير المؤمنين بغير أمره؟! فقال: كلّا، و لكني انتظرت سكون غضبه. قال: أحضرنيه الساعة، فإنه لا جوار لك. فقال مسلمة للكميت: يا أبا المستهلّ، إنّ أمير المؤمنين أمرني بإحضارك. قال: أ تسلمني يا أبا شاكر؟ قال: كلّا، و لكني أحتال لك، ثم قال له: إنّ معاوية بن هشام مات قريبا، و قد جزع عليه جزعا شديدا، فإذا كان/ من الليل فاضرب رواقك على قبره، و أنا أبعث إليك بنيه يكونون معك في الرّواق، فإذا دعا بك تقدّمت إليهم أن يربطوا ثيابهم بثيابك، و يقولوا: هذا استجار بقبر أبينا، و نحن أحقّ من أجاره.

فأصبح هشام على عادته متطلّعا من قصره إلى القبر، فقال: من هذا؟ فقالوا: لعلّه مستجير بالقبر! فقال:

يجار من كان إلّا الكميت؛ فإنه لا جوار له. فقيل: فإنه الكميت، قال: يحضر أعنف إحضار. فلما دعي به ربط الصبيان ثيابهم بثيابه. فلما نظر هشام إليهم اغرورقت عيناه و استعبر، و هم يقولون: يا أمير المؤمنين، استجار بقبر أبينا، و قد مات، و مات حظّه من الدنيا، فاجعله هبة له و لنا، لا تفضحنا فيمن استجار به. فبكى هشام حتى انتحب، ثم أقبل على الكميت فقال له: يا كميت، أنت القائل:

و إلّا تقولوا غيرها تتعرّفوا

نواصيها تردي بنا و هي شزّب [1]

خطبته بين يدي هشام و إنشاده بعض مدائحه في بني أمية

فقال: لا، و اللّه، و لا أتان من أتن الحجاز وحشيّة، فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على نبيّه، ثم قال: أمّا بعد فإنّي كنت أتدهدى [2] في غمرة، و أعوم في بحر غواية، أخنى عليّ خطلها، و استفزّني وهلها [3]؛ فتحيّرت في‌


[1] ردى يردى، إذا رجم الأرض رجما بين العدو و المشي الشديد. و الشازب: الذي فيه ضمور، و جمعه شزّب.

[2] أتدهدى: أتقلّب و أتلوى.

[3] الوهل: الفزع.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 17  صفحة : 11
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست