فطرب الشيخ و قال: لا فيف،
جعلني اللّه فداكنّ! يريد: لا كيف. فعلمن أنه ليس عمّه، و قمن إليه بعيدانهنّ
ليضربنه بها، حتّى حجزهنّ يزيد عنه. ثم قال له بعد ما انقضى أمرهن: ما تقول الآن
أدع هذا أم لا؟ قال: لا تدعه!
حبابة تردّ يزيد إلى ما
كان عليه:
أخبرني إسماعيل بن يونس
قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: حدّثني خالد بن يزيد بن بحر الخزاعي الأسلميّ، عن
محمد بن سلمة، عن أبيه عن حماد الراوية قال:
كانت حبابة فائقة في
الجمال و الحسن، و كان يزيد لها عاشقا، فقال لها يوما: قد استخلفتك على ما ورد
عليّ. و نصبت لذلك مولاي فلانا فاستخلفيه لأقيم معك أيّاما و أستمتع بك. قالت:
فإنّي قد عزلته. فغضب عليها و قال: قد استعملته و تعزلينه؟ و خرج من عندها مغضبا،
فلما ارتفع النّهار و طال عليه هجرها دعا خصيّا له و قال:
انطلق فانظر أيّ شيء تصنع
حبابة؟ فانطلق الخادم ثم أتاه، فقال: رأيتها مؤتزرة بإزار خلوقيّ [1] قد جعلت له
ذنبين و هي تلعب بلعبها. فقال: ويحك احتل لها حتّى تمرّ بها عليّ. فانطلق الخادم
إليها فلاعبها ساعة، ثم استلب لعبة من لعبها و خرج، فجعلت تحضر في أثره، فمرت
بيزيد فوثب و هو يقول: قد/ عزلته! و هي تقول: قد استعملته! فعزل مولاه و ولّاه و
هو لا يدري. فمكث معها خاليا أياما حتّى دخل عليه أخوه مسلمة فلامه، و قال: ضيعت
حوائج الناس و احتجبت عنهم، أ ترى هذا مستقيما لك؟! و هي تسمع مقالته، فغنّت لما
خرج:
ألا لا تلمه اليوم أن
يتبلدا
فذكرت الأبيات. فطرب و
قال: قا تلك اللّه أبيت إلا أن ترديني إليك. و عاد إلى ما كان عليه.
حبابة و سلامة تغنيان
يزيد بشعر للأحوص فيعود إلى الصبا:
أخبرني إسماعيل قال:
حدّثني عمي قال: حدّثني إسحاق قال: حدّثني الهيثم بن عديّ، عن صالح بن حسّان قال:
قال مسلمة ليزيد: تركت
الظّهور [2] و شهود الجمعة الجامعة، و قعدت في منزلك مع هذه الإماء! و بلغ ذلك
حبابة و سلامة فقالتا للأحوص: قل في ذلك شعرا فقال:
قال: فغنتا يزيد فيه، فلما
فرغتا ضرب بخيزرانته الأرض و قال: صدقتما صدقتما! فعلى مسلمة لعنة اللّه و على ما
جاء به.
[1]
كلمة «مؤتزرة» من ط، ها، مب فقط. و خلوقي، كأنه يريد لونه كلون
الخلوق. و الخلوق بفتح الخاء: طيب يتخذ من الزعفران و غيره من أنواع الطيب، و تغلب
عليه الحمرة و الصفرة.