أخبرني حبيب بن نصر قال:
حدّثنا عبد اللّه بن أبي سعد قال: حدّثني علي بن الحسن الشيباني، عن عبد الملك بن
ثوبان [1] قال: قال إسماعيل بن عمّار: كنت أختلف إلى منزل ابن رامين فأسمع
جاريتيه:
الزرقاء و سعدة، و كانت
سعدة أظرف من الزّرقاء، فأعجبت بها و علمت ذلك منّي، و كانت سعدة كاتبة، فكتبت
إليها أشكو ما ألقى بها، فوعدتني فكتبت إليها رقعة مع بعض خدمهم:
يا ربّ إنّ ابن رامين
له بقر
عين و ليس لنا غير البراذين
/ و ذكر الأبيات الماضية. قال: فجاءني الخادم و قال: ما
زالت تقرأ رقعتك و تضحك من قولك:
فإن تجودي بذاك
الشيء أحي به
و إن بخلت به عنّي فزنّيني
و كتبت إليّ: «حاشاك من أن أزنّيك، و لكنّي
أسير إليك فأغنّيك و ألهّيك و أرضيك». و صارت إليّ فأرضتني بعد ذلك.
شراء جعفر بن سليمان
للزرقاء و قتله يزيد بن عون:
أخبرني الحسين بن يحيى عن
حمّاد عن أبيه، عن الحسين بن محمد الحرّاني، و أخبرني الجوهري عن علي بن محمد
النوفلي عن أبيه:
أن جعفر بن سليمان اشترى
الزرقاء صاحبة ابن رامين بثمانين ألف درهم، و سترها عن أبيه- و أبوه يومئذ على
البصرة في خلافة المنصور، و قد تحرّك في تلك الأيام عبد اللّه بن علي- فهجم عليهما
يوما سليمان بن عليّ فأخفيا [2] العود تحت السّرير/ و دخل، فقال له: ويحك نحن على
هذه الحال نتوقّع الصيلم [3] و أنت تشتري جارية بثمانين ألف درهم! و أظهر له غضبا
عليه و تسخّطا لما فعل، فغمز خادما كان على رأسه فأخرجها إلى سليمان، فأكبّت على
رأسه فقبّلته، ودعت له، و كانت عاقلة مقبولة متكلّمة، فأعجبه ما رأى منها، و قام
عنهما فلم يعد لمعاتبة ابنه بعد ذلك.
قال: و لما مضت لها مدّة
عند جعفر سألها يوما: هل ظفر منك أحد ممن كان يهواك بخلوة أو قبلة؟
فخشيت أن يبلغه شيء كانت
فعلته بحضرة جماعة أو يكون قد بلغه، فقالت: لا و اللّه إلّا يزيد بن عون العباديّ
الصّيرفي؛ فإنّه قبّلني قبلة و قذف في فيّ [4] لؤلؤة بعتها بثلاثين ألف درهم. فلم
يزل جعفر يحتال له و يطلبه [5] حتّى وقع في يده، فضربه بالسّياط حتّى مات.