أخبرني الحرميّ بن أبي
العلاء قال: حدّثنا الزّبير قال حدّثني عمي قال: هوي محمد بن عيسى الجعفريّ بصبص
جارية ابن نفيس، فهام بها و طال ذلك عليه فقال لصديق له: لقد شغلتني هذه عن صنعتي و
كلّ أمري، و قد وجدت مسّ السلوّ فاذهب بنا حتّى أكاشفها بذلك فأستريح. فأتياها
فلما غنّت لهما قال لها محمد بن عيسى:
/ فاستحيا و ازداد بها كلفا، و لها عشقا، فأطرق ساعة ثم
قال: أ تغنين:
و أخضع بالعتبي إذا
كنت مذنبا
و إن أذنبت كنت الذي أتنصّل
قالت: نعم و أغنّي أحسن
منه:
فإن تقبلوا بالودّ
نقبل بمثله
و ننزلكم منّا بأقرب منزل
قال: فتقاطعا في بيتين، و
تواصلا في بيتين. و في هذه الأبيات الأربعة غناء كان محمد قريض [2]، و ذكاء، و
غيرهما ممن شاهدنا من الحذّاق يغنّونه في الابتداءين لحنين من الثقيل الأوّل، و في
الجوابين لحنين من خفيف الثقيل، و لا أعرف صانعهما.
شغف أبي السائب المخزومي
بها
أخبرني عمي قال: حدّثني
هارون بن محمد بن عبد الملك قال: حدّثني أبو أيوب المدينيّ عن مصعب قال:
حضر أبو السائب المخزومي
مجلسا فيه بصبص جارية يحيى بن نفيس، فغنت:
قال: فطرب أبو السائب و
نعر [4]، و قال: لا عرف اللّه قدره إن لم أعرف لك معروفك. ثم أخذ قناعها عن رأسها
و جعله على رأسه [5] و جعل يلطم و يبكي، و يقول لها: بأبي و اللّه أنت، إنّي لأرجو
أن تكوني عند اللّه أفضل من الشّهداء، لما توليناه من السرور، و جعل يصيح، وا
غوثاه! يا للّه لما يلقى العاشقون.