قال: فقلت إنّها من مختار
الشعر، و لقد أنشدت لبعض المحدثين في نحو هذا المعنى أبياتا حسنة. ثمّ أنشدنا:
أيّها الناعيان من
تنعيان
و على من أراكما تبكيان
اندبا الماجد الكريم
أبا إس
حاق ربّ المعروف و الإحسان
و اذهبا بي إن لم يكن
لكما عق
-
ر إلى جنب قبره فاعقراني
و انضحا من دمي عليه
فقد كا
ن دمي من نداه لو تعلمان
قصته مع حبيب بن المهلب
في شأن الحمامة و ديتها
أخبرني وكيع قال: حدثني
إسحاق بن محمد النخعيّ عن ابن عائشة عن أبيه قال:
/ كان
المهلب بن أبي صفرة بخراسان، فخرج إليه زياد الأعجم فمدحه، فأمر له بجائزة فأقام
عنده أياما. قال:
فإنّا لبعشيّة نشرب مع
حبيب بن المهلّب في دار له، و فيها حمامة، إذ سجعت الحمامة فقال زياد:
تغنّى أنت في ذممي و
عهدي
و ذمّة والدي إن لم تطاري
و بيتك فاصلحيه و لا
تخافي
على صفر مزغّبة صغار
فإنّك كلّما غنّيت
صوتا
ذكرت أحبّتي و ذكرت داري
فإمّا يقتلوك طلبت
ثارا
له نبأ لأنك في جواري
فقال حبيب: يا غلام، هات
القوس. فقال له زياد: و ما تصنع بها؟ قال: أرمي جارتك هذه. قال: و اللّه لئن
رميتها لاستعدينّ عليك الأمير. فأتى بالقوس فنزع لها سهما فقتلها، فوثب زياد فدخل
على المهلّب فحدّثه الحديث و أنشده الشعر، فقال المهلّب: عليّ بأبي بسطام، فأتي
بحبيب فقال له: أعط أبا أمامة دية جارته ألف دينار. فقال:
أطال اللّه بقاء الأمير،
إنّما كنت ألعب. قال: أعطه كما آمرك. فأنشأ زياد يقول:
قال: فحمل حبيب إليه ألف
دينار على كره منه، فإنّه ليشرب مع حبيب يوما إذا عربد عليه حبيب، و قد كان حبيب
ضغن عليه ممّا جرى، فأمر بشقّ قباء ديباج كان عليه، فقام فقال:
لعمرك ما الدّيباج
خرّقت وحده
و لكنّما خرّقت جلد المهلّب
[1]
أثبتها: قتلها مكانها. يغرب، من قولهم
سهم غرب، إذا أتى من حيث لا يدري. و في معظم الأصول «يقرب»، و الوجه ما أثبت من
مب، ها.