responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 212

فقطعت في طست من ذهب يسيل دمه فيه، و قالت له: يا جذيم لا يضيعنّ من دمك شي‌ء فإنّي أريده للخبل [1].

فقال لها: و ما يحزنك من دم أضاعه أهله. و إنما كان بعض الكهّان قال لها: إن نقط من دمه شي‌ء في غير الطست أدرك بثأره. فلم يزل دمه يجري في الطّست حتّى ضعف، فتحرّك فنقطت من دمه نقطة على أسطوانة رخام و مات.

قال: و العرب تتحدّث في أنّ دماء الملوك شفاء من الخبل. قال المتلمس [2]:

من الدارميّين الذين دماؤهم‌

شفاء من الداء المجنّة و الخبل [3]

/ قال: و جمعت دمه في برنيّة و جعلته في خزانتها، و مضى قصير إلى عمرو بن عبد الحرّ [4] التّنوخي فقال له: اطلب بدم ابن عمك و إلّا سبّتك به العرب. فلم يحفل بذلك فخرج قصير إلى/ عمرو بن عديّ ابن أخت جذيمة فقال: هل لك في أن أصرف الجنود إليك على أن تطلب بثأر خالك؟ فجعل ذلك له، فأتى القادة و الأعلام فقال لهم: أنتم القادة و الرؤساء، و عندنا الأموال و الكنوز. فانصرف إليه منهم بشر كثير، فالتقى بعمرو التنوخي فلما صافّوا القتال [5] تابعه التوخي و مالك بن عمرو بن عديّ، فقال له قصير: انظر ما وعدتني في الزباء. فقال: و كيف و هي أمنع من عقاب الجوّ؟ فقال: أمّا إذ أبيت فإني جادع أنفى و أذني، و محتال لقتلها، فأعنّي و خلاك ذمّ. فقال له عمرو: و أنت أبصر. فجدع قصير أنفه ثم انطلق حتّى دخل على الزباء فقالت: من أنت؟ قال: أنا قصير، لا و ربّ البشر ما كان على ظهر الأرض أحد أنصح لخدمته منّي و لا أغشّ لك حتّى جدع عمرو بن عديّ أنفى و أذني، فعرفت أنّي لن أكون مع أحد أثقل عليه منك. فقالت: أي قصير نقبل ذلك منك، و نصرّ لك في بضاعتنا. و أعطته مالا للتجارة، فأتى بيت مال الحيرة فأخذ منه بأمر عديّ ما ظنّ أنه يرضيها، و انصرف إليها به، فلما رأت ما جاء به فرحت و زادته، و لم يزل حتّى أنست به فقال لها: إنه ليس من ملك و لا ملكة إلّا و قد ينبغي له أن يتّخذ نفقا يهرب إليه عند حدوث حادثة يخافها. فقالت: أما أنّي قد فعلت و اتّخذت نفقا تحت سريري هذا، يخرج إلى نفق تحت سرير أختي. و أرته إياه، فأظهر لها سرورا بذلك، و خرج في تجارته كما كان يفعل، و عرف عمرو بن عديّ ما فعله، فركب عمرو في ألفي دارع على ألف بعير/ في الجوالق حتى إذا صاروا إليها تقدّم قصير يسبق الإبل و دخل على الزباء فقال لها: اصعدي في حائط مدينتك فانظري إلى مالك، و تقدّمي إلى بوّابك فلا يعرض لشي‌ء من أعكامنا [6]، فإنّي قد جئت بمال صامت. و قد كانت أمنته فلم تكن تتّهمه و لا تخافه، فصعدت كما أمرها فلما نظرت إلى ثقل مشي الجمال قالت- و قيل إنه مصنوع منسوب إليها-:

ما للجمال مشيها وئيدا

أ جندلا يحملن أم حديدا


[1] الخبل، بفتح الخاء و ضمها، و بالتحريك أيضا: الجنون أو شبهه.

[2] في «الحيوان» (2: 6) و «عيون الأخبار» (2: 79) أنه الفرزدق، و لم أجد البيت في أحد «الديوانين». و نسب في «مروج الذهب» إلى البعيث. و في ها «قال البعيث»: و أشير في حاشيتها إلى أنه في نسخة أخرى «المتلمس».

[3] المجنة: الجنون. و في معظم الأصول «المحبة» صوابه من ها و من «الحيوان» و «عيون الأخبار»، و «اللسان» (جنن) و «مقاييس اللغة» (كلب).

[4] كذا في «الأصول». و في «الميداني» و «مروج الذهب» «عبد الجن».

[5] مب «خافوا القتال». و في «مروج الذهب» «خافوا الفناة».

[6] الأعكام: جمع عكم، بالكسر، و هو العدل ما دام فيه المتاع.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست