أخبرني محمد بن إبراهيم
قريص [1] قال: سمعت أحمد بن أبي العلاء [يحدث أستاذي- يعني محمد بن داود بن
الجراح] [2] قال: جمع عبد اللّه بن طاهر بين المغنين و أراد أن يمتحنهم، و أخرج
بدرة دراهم سبقا [3] لمن تقدّم منهم و أحسن، فحضره مخارق، و علّويه، و عمرو بن
بانة، و محمد بن الحارث بن بُسخُنَّر، فغنى/ فلم يصنع شيئا، و تبعه محمد بن الحارث
فكانت هذه سبيله، و امتدت الأعين إلى مخارق و عمرو، فبدأ مخارق فغنّى:
إني امرؤ من خيرهم
عمّي و خالي من جذام
فما نهنهه عمرو مع انقطاع
نفسه حتّى غنى:
يا ربع سلّامة
بالمنحنى
بخيف سلع جادك الوابل
و كان إبراهيم بن المهدي
حاضرا فبكى طربا و قال: أحسنت و اللّه و استحققت، فإن أعطيته و إلا فخذه من مالي،
يا حبيبي عنّي أخذت هذا الصوت، و قد و اللّه زدت عليّ فيه و أحسنت غاية الإحسان، و
لا يزال صوتي عليك أبدا. فقال له عبد اللّه: من حكمت له بالسّبق فقد حصل. و أمر له
بالبدرة فحملت إلى عمرو.
ثمّ حدّثنا بعد ذلك أن
إسحاق لقي عمرو بن راشد الخناق فقال له: قد بلغني خبر المجلس الذي جمع عبد اللّه
فيه المغنّين يمتحنهم، و لو شاء لكان في راحة من ذلك. قلت: و كيف؟ قال: أمّا مخارق
فأحسن القوم غناء إذا اتّفق له أن يحسن، و قلّما يتفق له ذلك. و أما محمد بن
الحارث فأحسنهم شمائل، و أملحهم إشارة بأطراف وجهه في الغناء، و ليس له غير ذلك. و
أما عمرو بن بانة فأعلم القوم و أرقاهم. و أ ما علّويه فمن أدخله ابن الزانية مع
هؤلاء؟