اجتمع به أبو سلمة بن
عبد الأسد و هو مسنّ معلق في شجرة:
و خرج أبو سلمة بن عبد
الأسد المخزومي قبيل الإسلام في نفر من قريش يريدون اليمن فأصابهم عطش شديد ببعض
الطريق، و أمسوا على غير الطريق، فتشاوروا جميعا، فقال لهم أبو سلمة: إنّي أرى
ناقتي تنازعني شقّا [1]؛ أ فلا أرسلها و أتبعها؟ قالوا: فافعل. فأرسل ناقته و
تبعها فأضحوا على ماء و حاضر [2]، فاستقوا/ و سقوا، فإنّهم لعلى ذلك إذ أقبل إليهم
رجل فقال: من القوم؟ قالوا: من قريش. فرجع إلى شجرة أمام الماء فتكلّم عندها بشيء
ثم رجع إلينا، فقال: أ ينطلق معي أحدكم إلى رجل ندعوه [3]. قال أبو سلمة: فانطلقت
معه فوقف بي تحت شجرة، فإذا وكر معلّق فصوّت: يا أبت! فزعزع شيخ رأسه [4]، فأجابه
فقال: هذا الرجل. فقال لي: ممن الرجل؟ قلت:
من قريش. قال: من أيّها؟
قلت: من بني مخزوم بن يقظة. قال: من أيّهم؟ قلت: أنا أبو سلمة بن عبد الأسد بن عبد
اللّه بن عمرو بن مخزوم بن يقظة. قال: أيهات منك [5]! أنا و يقظة سنّ [6]، أ تدري
من يقول:
كأن لم يكن بين
الحجون إلى الصّفا
أنيس و لم يسمر بمكة سامر
/ بلى نحن كنّا أهلها فأبادنا
صروف الليالي و الجدود العواثر
قلت: لا. قال: أنا قائلها،
أنا عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي. أ تدري لم سمّى أجياد أجيادا؟ قلت:
لا. قال: جادت بالدّماء
يوم التقينا نحن و قطوراء؛ أ تدري لم سمّي قيعقعان؟ قلت: لا. قال: لتقعقع السلاح
على ظهورنا لمّا طلعنا عليهم منه.
و أخبرني بهذا الخبر
الحرميّ بن أبي العلاء؛ قال حدّثنا الزّبير بن بكّار قال: حدّثني إبراهيم بن
المنذر الحزاميّ؛ قال: حدّثنا عبد العزيز بن عمران؛ قال حدّثني راشد بن حفص بن عمر
بن عبد الرحمن بن عوف، قال:
/ و
خرجت في نفر من قريش يريدون اليمن. و ذكر الخبر مثل حديث الأزرقيّ. و اللّه أعلم.
تغريب ربيعة بن أمية بن
خلف
أخبرني أحمد بن عبد العزيز
قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: حدّثني محمد بن يحيى قال: حدّثنا غسان بن عبد العزيز
بن عبد الحميد [8] أنّ ربيعة بن أمية بن خلف كان قد أدمن الشراب، و شرب في شهر
رمضان، فضربه عمر رضي اللّه عنه و غرّبه إلى ذي المروة، فلم يزل بها حتّى توفّي و
استخلف عثمان رضي اللّه عنه؛ فقيل له: قد توفّي عمر و استخلف عثمان فلو دخلت
المدينة ما ردّك أحد. قال: لا و اللّه لا أدخل المدينة فتقول قريش قد غرّبه رجل