كان أوّل من عرف رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بعد الهزيمة و قول الناس: قتل رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و سلّم- كما حدّثني ابن شهاب الزّهري- كعب/ بن مالك أخو بني سلمة. قال: عرفت
عينيه تزهران تحت المغفر، فناديت/ بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين، أبشروا، هذا رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم! فأشار إليّ عليه السلام: أن أنصت. فلما عرف
المسلمون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم نهضوا به، و نهض نحو الشعب معه أبو
بكر بن أبي قحافة، و عمر بن الخطاب، و عليّ بن أبي طالب، و طلحة بن عبيد اللّه، و
الزّبير بن العوّام، و الحارث بن الصّمة، في رهط من المسلمين رضي اللّه عنهم
أجمعين.
قتل رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و سلّم أبيّ بن خلف:
فلما أسند [1] رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و سلّم في الشّعب، أدركه أبيّ بن خلف و هو يقول: يا محمد [2] لا
نجوت إن نجوت! فقال القوم: يا رسول اللّه أ يعطف عليه رجل منا؟ فقال: دعوه. فلمّا
دنا تناول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم الحربة من الحارث بن الصّمّة. قال:
يقول بعض الناس فيما ذكر لي: فلما أخذها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم انتفض
بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشّعراء [3] عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله
فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ بها عن فرسه مرارا [4]. و كان أبيّ بن خلف- كما حدّثنا ابن
حميد قال حدّثنا سلمة عن ابن إسحاق عن صالح عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف- يلقى
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بمكة فيقول: يا محمد، إنّ عندي العود أعلفه كلّ
يوم فرقا من ذرة [5] أقتلك عليه! فيقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: بل أنا
أقتلك إن شاء اللّه تعالى. فلما رجع إلى قريش و قد خدشه في حلقه [6] خدشا غير
كبير، فاحتقن الدم قال: قتلني و اللّه محمّد! قالوا: ذهب و اللّه فؤادك، و اللّه
ما بك بأس. قال: إنّه كان بمكة قال لي: أنا أقتلك،/ فو اللّه لو بصق عليّ لقتلني.
فمات عدوّ اللّه بسرف [7] و هم قافلون به إلى مكة، فلما انتهى رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و سلّم إلى فم الشّعب خرج عليّ بن أبي طالب حتى ملأ درقته من المهراس
[8] ثمّ جاء به إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فشرب منه [9] و غسل عن وجهه
الدم، و صبّ على رأسه و هو يقول: «اشتدّ غضب اللّه عزّ و جلّ على من دمى وجه نبيه».
دعاء رسول اللّه على
محاربيه:
قال محمد بن إسحاق: حدّثني
صالح بن كيسان عمن حدّثه عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يقول: و اللّه ما حرصت على
قتل رجل قطّ ما حرصت على قتل عتبة بن أبي وقّاص، و إن كان ما علمت لسيّئ ء الخلق
مبغضا في قومه، و لقد كفاني منه قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «اشتدّ غضب اللّه على من دمى
وجه رسول اللّه».
تمثيل هند و صواحباتها
بقتل المسلمين:
قال حدّثنا محمد بن إسحاق
قال: حدّثني صالح بن كيسان قال: