و عن محمد بن إسحاق قال
حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم رمى عن قوسه
حتّى اندقّت سيتها، فأخذها قتادة بن النعمان فكانت عنده، و أصيبت يومئذ عين قتادة
حتى وقعت على وجنته.
/ و
عن محمد بن إسحاق قال: حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه
و سلّم ردّها بيده فكانت أحسن عينيه و أحدّهما. و قاتل مصعب بن عمير دون رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و معه لواؤه حتّى قتل، و كان الذي أصابه ابن قمئة
اللّيثي و هو يظنّ أنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فرجع إلى قريش فقال: قد
قتلت محمدا! فلما قتل مصعب بن عمير أعطى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم اللواء
عليّ بن طالب عليه السلام. و قاتل حمزة بن عبد المطلب رضي اللّه عنه حتّى قتل
أرطاة بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصيّ، و كان أحد النّفر
الذين يحملون اللواء، ثم مرّ به سباع بن عبد العزّى الغبشاني، و كان يكنى أبا نيار،
فقال له [حمزة] [1]: هلمّ إليّ يا ابن مقطّعة البظور- و كانت أمّه [2] ختّانة
[بمكة] [3] مولاة شريق بن عمرو بن وهب الثقفي- فلما التقيا ضربه حمزة عليه السلام
فقتله، فقال وحشيّ غلام جبير بن مطعم: إنّي لأنظر إلى حمزة يهذّ الناس بسيفه [4]
ما يليق شيئا يمرّ به [5]، مثل الجمل الأورق، إذ تقدّمني إليه سباع بن عبد العزّى
فقال له حمزة: هلمّ إليّ يا ابن مقطّعة البظور. فضربه فما أخطأ رأسه، و هززت حربتي
حتّى إذا ما رضيت دفعتها عليه فوقعت عليه في لبّته حتّى خرجت من بين رجليه، و أقبل
نحوي فغلب فوقع، فأمهلته حتّى إذا مات جئت فأخذت حربتي ثم تنحّيت إلى العسكر، و لم
يكن لي بشيء حاجة غيره. و قد قتل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، أحد بني عمرو بن
عوف، مسافع بن طلحة و أخاه كلاب بن طلحة،/ كلاهما يشعره سهما [6] فيأتي أمّه فيضع
رأسه في حجرها فتقول: يا بنيّ من أصابك؟ فيقول: سمعت رجلا يقول حين رماني: خذها
إليك و أنا ابن أبي الأقلح! فتقول: أقلحيّ؟! فنذرت للّه إن اللّه أمكنها من رأس
عاصم أن تشرب فيه الخمر. و كان عاصم قد عاهد اللّه عزّ و جلّ أن لا يمسّ مشركا و
لا يمسّه.
جهاد أنس بن النضر:
عن ابن إسحاق قال حدّثني
القاسم بن عبد الرحمن بن رافع، أخو بني عديّ بن النجار قال:
انتهى أنس بن النضر، عمّ
أنس بن مالك، إلى عمر بن الخطاب و طلحة بن عبيد اللّه، في رجال من المهاجرين و
الأنصار، و قد ألقوا بأيديهم، فقال: ما يجلسكم هاهنا؟ فقالوا: قتل رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و سلّم! قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟
قوموا فموتوا كراما على ما
مات عليه. ثم استقبل القوم فقاتل حتّى قتل. و به سمي أنس بن مالك.
عن ابن إسحاق قال: حدّثني
حميد الطّويل عن أنس بن مالك قال:
لقد وجدنا بأنس بن النضر
يومئذ سبعين ضربة و طعنة، فما عرفته إلا أخته، عرفته بحسن بنانه.