و ذلك الذي أراد أبو
سفيان. فلما التقى الناس و دنا بعضهم من بعض قامت هند بنت عتبة في النّسوة اللواتي
معها، و أخذن الدّفوف يضربن خلف الرجال، و يحرضنهم، فقالت هند فيما تقول:
و اقتل الناس حتّى حميت الحرب،
و قاتل أبو دجانة حتّى أمعن في الناس، و حمزة بن عبد المطلب و علي بن أبي طالب
عليهما السلام في رجال من المسلمين، فأنزل اللّه نصره، و صدقهم وعده، فحسّوهم
بالسّيف [2] حتى كشفوهم، و كانت الهزيمة.
/ و
عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عبّاد بن عبد اللّه بن الزبير عن أبيه عن جده قال قال
الزبير: و اللّه لقد رأيتني أنظر إلى هند بنت عتبة و صواحبها مشمّرات هوارب، ما
دون أخذهنّ قليل و لا كثير، إذ مالت الرّماة إلى الكرّ حتّى كشفنا القوم عنه
يريدون النهب، و خلّوا ظهورنا للخيل، فأتينا من أدبارنا و صرخ صارخ: ألا إنّ محمدا
قد قتل.
فانكفأنا و انكفأ علينا
القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء، حتّى ما يدنو إليه أحد من القوم.
و عن محمد بن إسحاق عن بعض
أهل العلم أنّ اللواء لم يزل صريعا حتّى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثيّة، فرفعته
لقريش فلاذوا بها، و كان اللواء مع صواب غلام لبني أبي طلحة حبشيّ، فكان آخر من
أخذه منهم، فقاتل حتّى قطعت يداه، فبرك عليه و أخذ اللواء بصدره و عنقه حتّى قتل/
عليه و هو يقول: اللّهم قد أعذرت! فقال حسّان بن ثابت في قطع يد صواب حين تقاذفوا
بالشعر: