responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 126

الجنة، أو يعجّلني بسيفه إلى النار؟ فقام إليه علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: و الذي نفسي بيده لا أفارقك حتّى يعجّلك اللّه عزّ و جلّ بسيفي إلى النار، أو يعجّلني بسيفك إلى الجنّة! فضربه عليّ فقطع رجله فبدت عورته فقال:

أنشدك اللّه و الرحم يا ابن عمّ. فتركه فكبّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و قال لعليّ و أصحابه: ما منعك أن تجهز عليه؟ قال: إنّ ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته، فاستحييت منه. ثم شدّ الزبير بن العوام و المقداد بن الأسود على المشركين فهزماهم، و حمل النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه فهزموا أبا سفيان، فلما رأى ذلك خالد بن الوليد و هو على خيل المشركين حمل فرمته الرماة فانقمع [1]، فلما نظر الرماة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه في جوف عسكر المشركين ينتهبونه بادروا الغنيمة فقال بعضهم: لا نترك أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم. و انطلق عامّتهم فلحقوا بالعسكر، فلما رأى خالد قلّة الرماة صاح في خيله، ثم حمل فقتل الرماة، و حمل على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فلمّا رأى المشركون أنّ خيلهم تقاتل تبادروا فشدّوا على المسلمين فهزموهم و قتلوهم.

رجع إلى حديث ابن إسحاق‌

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: من يأخذ هذا السيف بحقّه؟ فقام إليه رجال، فأمسكه بينهم، حتّى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة فقال: و ما حقّه يا رسول اللّه؟ قال: أن تضرب به في العدوّ حتّى ينحني. فقال: أنا آخذه بحقّه يا رسول اللّه. فأعطاه إياه. و كان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب إذا كانت، و كان إذا أعلم على رأسه بعصابة له حمراء علم الناس أنّه سيقاتل، فلما أخذ السيف من يد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أخذ عصابته تلك فعصب بها رأسه، ثم جعل يتبختر بين الصّفّين.

قال محمد بن إسحاق: حدّثني جعفر بن عبد اللّه بن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، عن رجل/ من الأنصار من بني سلمة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حين رأى أبا دجانة يتبختر: إنّها مشية يبغضها اللّه إلّا في هذا الموطن. و قد أرسل أبو سفيان رسولا فقال: يا معشر الأوس و الخزرج، خلّوا بيننا و بين ابن عمنا ننصرف عنكم، فإنّه لا حاجة بنا إلى قتالكم. فردّوه بما يكره.

و عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة أنّ أبا عامر عمرو بن صيفيّ بن النعمان بن مالك بن أمية، أحد بني ضبيعة و قد خرج إلى مكة مباعدا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و معه خمسون غلاما من الأوس، منهم عثمان بن حنيف- و بعض الناس يقول: كانوا خمسة عشر- فكان يعد قريشا أن لو قد لقي محمدا لم يختلف عليه منهم رجلان. فلما التقى الناس كان أوّل من لقيهم أبو عامر في الأحابيش و عبدان أهل مكة، فنادى: يا معشر الأوس، أنا أبو عامر.

قالوا: فلا أنعم اللّه بك عينا يا فاسق. و كان أبو عامر يسمّى في الجاهلية الراهب، فسماه رسول اللّه/ صلّى اللّه عليه و سلّم الفاسق.

فلما سمع ردّهم عليه قال: لقد أصاب قومي بعدي شرّ! ثم قاتلهم قتالا شديدا ثم راضخهم بالحجارة [2]. و قد قال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بني عبد الدار يحرّضهم بذلك على القتال، يا بني عبد الدار، إنّكم وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم، و إنّما يؤتى الناس من قبل راياتهم، إذا زالت زالوا، فإمّا أن تكفونا لواءنا، و إمّا أن تخلّوا بيننا و بينه فسنكفيكموه. فهمّوا به و توعّدوه و قالوا: نحن نسلم إليك لواءنا؟! ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع!


[1] انقمع: اختفى.

[2] المراضخة: المراماة.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 15  صفحة : 126
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست