كانت أمّ سمرة تحت مريّ بن
سنان بن ثعلبة [1]. عمّ أبي سعيد الخدري، و كان ربيبه [2]، فلما خرج رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و سلّم إلى أحد و عرض أصحابه فردّ من استصغر، ردّ سمرة بن جندب، و
أجاز رافع بن خديج، فقال سمرة لربيبه مريّ بن سنان: أجاز رافعا و ردّني و أنا
أصرعه! فقال يا رسول اللّه: رددت ابني و أجزت رافع بن خديج و ابني يصرعه؟ فقال
النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم لرافع و سمرة: اصطرعا. فصرع سمرة رافعا، فأجازه
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فشهدها مع المسلمين، و كان دليل النبيّ صلّى
اللّه عليه و سلّم أبو خيثمة الحارثي.
رجع الحديث إلى حديث ابن
إسحاق
و مضى رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و سلّم حتى سلك في حرّة بني حارثة، فذبّ فرس بذنبه فأصاب كلّاب سيف [3]
فاستلّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم- و كان يحبّ الفأل و لا يعتاف-
لصاحب السيف: «شم سيفك فإنّي أرى السيوف
ستستلّ اليوم»! ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لأصحابه: «من رجل يخرج بنا على القوم
من كثب من طريق لا يمرّ بنا عليهم؟»، فقال أبو خيثمة، أخو بني حارثة بن الحارث:
أنا يا رسول اللّه. فقدّمه فنفذ به في حرة بني حارثة و بين أموالهم، حتّى سلك به
في مال المربع [4] بن قيظيّ، و كان رجلا منافقا ضرير البصر، فلما سمع حسّ رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و من معه من المسلمين قام يحثي التراب في وجوههم و
يقول: إن كنت رسول اللّه فلا أحلّ [5] لك أن تدخل حائطي. قال: و قد ذكر لي أنّه
أخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: لو أنّي أعلم أنّي لا أصيب بها غيرك لضربت بها
وجهك! فابتدره القوم ليقتلوه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا تفعلوا فهذا/ الأعمى
البصر الأعمى القلب!» و قد بدر إليه سعد بن زيد أخو بني عبد الأشهل حين نهى رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عنه، فضربه بالقوس في رأسه فشجّه، و مضى رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و سلّم على وجهه حتّى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل،
فجعل ظهره و عسكره إلى أحد، و قال: لا يقاتلن أحد أحدا حتى نأمره بالقتال. و قد
سرّحت قريش الظّهر و الكراع [6]/ في زروع كانت بالصّمعة [7] من قناة للمسلمين،
فقال رجل من المسلمين حين نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن القتال: أ
ترعى زروع بني قيلة و لمّا نضارب! و تعبّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و هو
في سبعمائة رجل، و تعبأت قريش و هم ثلاثة آلاف، و معهم مائتا فارس قد جنبوا
خيولهم، فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد و على ميسرتها عكرمة بن أبي جهل، و
أمّر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على الرماة [8] عبد اللّه بن جبير [9] أخا
بني عمرو بن عوف، و هو يومئذ معلم بثياب بيض، و الرماة خمسون رجلا، و قال: انضح
عنا الخيل بالنّبل لا يأتونا
[1]
مري، بالتصغير، كما في «الإصابة» 7912. و فيها «مري بن سنان بن عبيد بن
ثعلبة».
[2]
الربيب: ابن امرأة الرجل من غيره، و
زوج الأم أيضا.
[3]
في الأصول «سيفه» و الصواب من «السيرة» و «اللسان» (كلب) و «تاريخ الطبري» (3: 13). و كلاب السيف، بوزن رمان: الحلقة
أو المسمار الذي في قائم السيف تكون فيه علاقته.