رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و سلّم. و كان أبو عزّة عمرو بن عبد اللّه الجمحي قد منّ عليه رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و سلّم يوم بدر، و كان في الأسارى فقال: يا رسول اللّه، إنّي فقير
ذو عيال و حاجة قد عرفتها، فامنن عليّ صلّى اللّه عليك. فمنّ عليه رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و سلّم، فقال صفوان بن أميّة: يا أبا عزّة، إنّك امرؤ شاعر فاخرج معنا
فأعنّا بنفسك. فقال: إن محمدا قد منّ عليّ، فلا أريد أن أظاهر عليه. فقال: بلى
فأعنّا بنفسك، و لك اللّه إن رجعت أن أعينك، و إن أصبت أن أجعل بناتك مع بناتي،
يصيبهنّ ما أصابهنّ من عسر أو يسر. فخرج أبو عزة يسير في تهامة و يدعو بني كنانة،
و خرج مسافع بن عبدة بن وهب بن حذافة بن جمح إلى بني مالك بن كنانة يحرّضهم و
يدعوهم إلى حرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و دعا جبير بن مطعم غلاما يقال
له وحشيّ، و كان حبشيا يقذف بحربة له قذف الحبشة، قلّما يخطئ/ بها، فقال: اخرج مع
الناس، فإن أنت قتلت عمّ محمد بعمى طعيمة بن عديّ فأنت عتيق. و خرجت قريش بحدّها و
أحابيشها و من معها من بني كنانة و أهل تهامة، و خرجوا بالظّعن [1] التماس
الحفيظة، و لئلا يفرّوا. و خرج أبو سفيان بن حرب و هو قائد الناس، معه هند بنت
عتبة بن ربيعة، و خرج عكرمة بن أبي جهل بن هشام بن المغيرة [2] و خرج صفوان بن
أمية بن خلف ببرزة- و قيل ببرّة من قول أبي جعفر- بنت مسعود بن عمرو بن عمير
الثقفية، و هي أم عبد اللّه بن صفوان. و خرج عمرو بن العاص [3]، و خرج طلحة بن أبي
طلحة و أبو طلحة عبد اللّه بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار بسلافة بنت سعد بن
سهيل [4]، و هي أم بني طلحة: مسافع، و الجلاس، و كلاب، قتلوا يومئذ و أبوهم. و
خرجت خناس بنت مالك بن المضرّب إحدى نساء بني مالك بن حسل مع ابنها أبي عزّة [5]
بن عمير، و هي أم مصعب بن عمير.
و خرجت عمرة بنت علقمة
إحدى نساء/ بني الحارث بن [عبد مناة بن] [6] كنانة.
و كانت هند بنت عتبة بين
ربيعة إذا مرّت بوحشيّ أو مرّ بها قالت: إيه أبا دسمة [7] اشتف [8]. فنزلوا ببطن
السّبخة [9] من قناة على شفير الوادي مما يلي المدينة،/ فلمّا سمع بهم رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و سلّم و المسلمون قد نزلوا حيث نزلوا، قال رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و سلّم للمسلمين: «إني قد رأيت بقرا تذبح فأوّلتها خيرا، و رأيت في ذباب
سيفي ثلما، و رأيت أنّي أدخلت يدي في درع حصينة، و هي المدينة [10]، فإن رأيتم أن
تقيموا بالمدينة و تدعوهم حيث نزلوا فإن أقاموا أقاموا بشرّ مقام، و إن هم دخلوا
علينا فيها قاتلناهم».
و نزلت قريش منزلها من أحد
يوم الأربعاء، فأقاموا به ذلك اليوم و يوم الخميس و يوم الجمعة، و راح رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و سلّم حين صلّى الجمعة فأصبح بالشّعب من أحد، فالتقوا يوم السبت
للنصف من شوال. و كان رأي عبد اللّه بن أبيّ بن سلول مع رأي رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و سلّم، يرى رأيه في ذلك: أن لا يخرج إليهم، و كان رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و سلّم يكره الخروج من
[1]
الظعن: جمع ظعينة، و هي المرأة ما
دامت في الهودج.
[2]
في «السيرة» 557 جوتنجن و الطبري (3: 10) «و خرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم بنت الحارث بن هشام
بن المغيرة».
[3]
في «السيرة» و الطبري «و خرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه بن الحجاج».
[4]
كذا في ط، ها، مط، مب. و في سائر
النسخ «سعيد بن سهم» و في «السيرة»: «سعد بن شهيد».