responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 12  صفحة : 402

و قد روى الزبير أيضا في خبر هذه المرأة غير هذا، و خالف المعاني [1]

كثير و امرأة لقيها بقديد

أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثنا الزبير بن بكّار قال حدّثني سليمان بن عيّاش السعديّ قال:

كان كثيّر يلقى حاجّ المدينة من قريش بقديد [2] في كل سنة، فغفل عاما من الأعوام عن يومهم الذي نزلوا فيه قديدا [3] حتى ارتفع النهار، ثم ركب جملا ثقالا [4] و استقبل الشمس [5] في يوم صائف، فجاء قديدا و قد كلّ و تعب، فوجدهم قد راحوا. و تخلّف فتى من قريش معه راحلته حتى يبرد [6]. قال الفتى القرشيّ: فجلس كثيّر إلى جنبي و لم يسلّم عليّ، فجاءت امرأة وسيمة جميلة، فجلست إلى خيمة من خيام قديد و استقبلت كثيّرا فقالت: أ أنت كثيّر؟

قال: نعم. قالت: ابن أبي جمعة؟ قال: نعم. قالت: الذي يقول:

لعزّة أطلال أبت أن تكلّما

قال: نعم. قالت: و أنت الذي تقول فيها:

و كنت إذا ما جئت أجللن مجلسي‌

و أظهرن منّي هيبة لا تجهّما

فقال: نعم. قالت: أعلى هذا الوجه هيبة؟ إن كنت كاذبا فعليك لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين. فضجر و قال: من أنت؟ فلم تجبه بشي‌ء، فسأل الموليات اللواتي/ في الخباء بقديد عنها، فلم يخبرنه شيئا، فضجر و اختلط. فلما سكن من شأوه [7] قال: أ أنت الذي تقول:

متى تحسروا عنّي العمامة تبصروا

جميل المحيّا أغفلته الدواهن‌

أ هذا الوجه جميل المحيّا؟ إن كنت كاذبا فعليك لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين. فاختلط و قال: و اللّه ما عرفتك، و لو عرفتك لفعلت و فعلت. فسكتت، فلما سكن من شأوه قالت: أ أنت الذي تقول:

يروق العيون الناظرات كأنه‌

هرقليّ وزن أحمر التّبر راجح [8]

أ هذا الوجه يروق العيون الناظرات؟ إن كنت كاذبا فعليك لعنة اللّه و لعنة اللاعنين و الملائكة و الناس أجمعين.

فازداد ضجرا و غيظا و اختلاطا و قال لها: قد عرفتك و اللّه لأقطعنّك و قومك بالهجاء. ثم قال فالتفتّ في أثره، ثم رجعت طرفي نحو المرأة فإذا هي قد ذهبت، فقلت لمولاة من مولياتها بقديد: لك اللّه عليّ إن أخبرتني من هذه المرأة لأطوينّ لك ثوبيّ هذين إذا قضيت حجّي ثم أعطيكهما. فقالت: و اللّه لو أعطيتني زنتهما ذهبا ما أخبرتك من هي؛ هذا كثيّر و هو مولاي قد سألني عنها فلم أخبره. قال الفتى القرشيّ: فرحت و اللّه و بي أشدّ مما بكثيّر.


[1] في ف: «في خبر هذه المرأة غير هذه الرواية، و خالف في معانيها».

[2] قديد: اسم موضع قرب مكة.

[3] الكلام بعده إلى «قديدا» التالية ساقط من ط.

[4] ثقالا: بطيئا.

[5] كلمة «الشمس»: ساقطة في جميع الأصول ما عدا ف.

[6] أبرد: دخل في آخر النهار.

[7] في ف: «سكن شأوه». و الشأو: الحزن؛ يقال: شآه؛ أي حزنه.

[8] الهرقلي: الدينار؛ نسبة إلى هرقل ملك الروم، و هو أوّل من ضرب الدنانير و الراجح: الموزون.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 12  صفحة : 402
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست