صادفت لمّا خرجت منطلقا
جهم المحيّا كباسل شرس
تخال في كفّه مثقّفة
تلمع فيها كشعلة القبس [1]
/ بكفّ حرّان ثائر بدم
طلّاب وتر في الموت منغمس
إمّا تقارن بك الرماح فلا
أبكيك إلّا للدّلو و المرس [2]
حمدت أمري و لمت أمرك إذ
أمسك جلز السّنان بالنفس [3]
و قد تصلّيت حرّ نارهم
كما تصلّى المقرور من قرس [4]
تذبّ عنه كفّ بها رمق
طيرا عكوفا كزوّر العرس [5]
عما قليل علون جثّته
فهنّ من والغ و منتهس [6]
أخذ دية غلامه ثمن إبله من تغلب و قال شعرا
فلما فرغ أبو زبيد من قصيدته بعثت إليه بنو تغلب بدية غلامه و ما ذهب من إبله، فقال في ذلك:
ألا أبلغ بني عمرو رسولا
فإنّي في مودّتكم نفيس
/ هكذا ذكر ابن سلّام في خبره، و القصيدة لا تدلّ على أنها قيلت فيمن أحسن إليه و ودى غلامه و ردّ عليه ماله. و في رواية ابن حبيب:
ألا أبلغ بني نصر بن عمرو
و قوله أيضا فيها:
فما أنا بالضعيف فتظلموني
و لا جافي اللقاء و لا خسيس [7]
أفي حقّ مواساتي أخاكم
بمالي ثم يظلمني السريس
- السريس: الضعيف الذي لا ولد له- و هذا ليس من ذلك الجنس. و لعل ابن سلام و هم.
من المعمرين
و أبو زبيد أحد المعمّرين، ذكر ابن الكلبي أنه عمر مائة و خمسين سنة.
أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن ابن الكلبيّ عن أبيه قال: كان طول أبي زبيد ثلاثة عشر شبرا.
[2] للدلو: أي لملئها. و المرس: جمع مرسة بالتحريك، و هو الحبل.
[3] جلز السنان: الحلقة المستديرة في أسفله.
[4] المقرور: الذي أصابه البرد. و القرس: البرد الشديد.
[5] الزور: جمع الزائر. و العرس: طعام الوليمة.
[6] الوالغ: الشارب بأطراف لسانه.
[7] خسيس: بالرفع عطفا على المحل بجعل ما تميمية، و بالجر عطفا على اللفظ فيكون في البيت إقواه.