و الغناء في
هذا الشعر لعبد اللّه بن طاهر خفيف ثقيل أوّل بالبنصر. قال عبيد اللّه بن عبد
اللّه بن طاهر: لمّا صنع أبي هذا الصوت لم يحبّ أن يشيع عنه شيء من هذا و لا ينسب
إليه؛ لأنّه كان يترفّع عن الغناء، و ما جسّ بيده وترا قطّ و لا/ تعاطاه، و لكنه
كان يعلم من هذا/ الشأن بطول الدّربة [و حسن الثقافة] [3] ما لا يعرفه كبير أحد. و
بلغ من علم ذلك إلى أن صنع أصواتا كثيرة، فألقاها على جواريه، فأخذتها عنه و غنّين
بها، و سمعها النّاس منهنّ و ممن أخذ عنهنّ. فلما أن صنع هذا الصوت:
هلّا سقيتم بني جرم أسيركم
نفسي فداؤك من ذي غلّة صادى
نسبه إلى مالك
بن أبي السّمح. و كان لآل الفضل بن الربيع جارية يقال لها داحة، فكانت ترغب إلى
عبد اللّه بن طاهر لمّا ندبه المأمون إلى مصر [في أن يأخذها معه] [3]، و كانت
تغنيه، و أخذت هذا الصوت عن جواريه، و أخذه المغنّون عنها و رووه لمالك مدّة. ثم
قدم عبد اللّه العراق فحضر مجلس المأمون، و غنّي الصوت بحضرته و نسب إلى مالك،
فضحك عبد اللّه ضحكا كثيرا. فسئل عن القصّة فصدق فيها و اعترف بصنعة الصوت. فكشف
المأمون عن ذلك. فلم يزل كلّ من سئل عنه يخبر عمن أخذه [عنه]، فتنتهي القصّة إلى
داحة ثم تقف و لا تعدوها.
فأحضرت داحة و
سئلت فأخبرت بقصته؛ فعلم أنّه من صنعته حينئذ بعد أن جاز على إسحاق و طبقته أنّه
لمالك.
و يقال: إنّ
إسحاق لم يعجب من شيء عجبه من عبد اللّه و حذقه بمذاهب الأوائل و حكاياتهم.
قال: و من
غنائه أيضا:
صوت
راح صحبي و عاود القلب داء
من حبيب طلابه لي عناء
حسن الرأي و المواعيد لا يل
فى لشيء مما يقول وفاء
من تعزّى عمن يحبّ فإنّي
ليس لي ما حييت عنه عزاء
الغناء لابن
طنبورة خفيف ثقيل أوّل بالسبّابة في مجرى الوسطى. و لحن عبد اللّه بن طاهر ثاني
ثقيل بالبنصر.
/ و منها:
فمن يفرح ببينهم
فغيري إذ غدوا فرحا
شعر لعمر بن
أبي ربيعة و سببه
صوت
يا خليليّ قد مللت ثوائي
بالمصلّى و قد شنئت البقيعا
[1]
كذا في ح، و في ف: «و نكل الظالم». و في سائر الأصول: «و خطل الظالم». يقال: خطمه
يخطمه خطما، إذا ضرب مخطمه (أنفه)، و هو وصف بالمصدر. تريد أنه يذل الظالم العادي
و يكبحه عن طغيانه.