و أخذ ابن
الخمس سيف الحارث بن ظالم المعلوب، فأتى به سوق عكاظ في الحرم، فجعل يعرضه على
البيع و يقول: هذا سيف الحارث بن ظالم. فاسترآه إيّاه [3] قيس بن زهير بن جذيمة
فأراه إيّاه، فعلاه به حتى قتله في الحرم. فقال قيس بن زهير [4] يرثي الحارث بن
ظالم:
هذه رواية أبي
عبيدة و البصريّين. و أمّا الكوفيون فإنهم يذكرون أنّ النّعمان بن المنذر هو الذي
قتله. أخبرني بذلك عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا أبو سعيد عن محمد بن حبيب عن
ابن الأعرابيّ عن المفضّل قال:
لمّا هرب
الحارث إلى مكة أسف النّعمان بن المنذر على فوته إيّاه، فلطف [7] له و راسله و
أعطاه الأمان، و أشهد على نفسه وجوه العرب من ربيعة و مضر و اليمن أنه لا يطلبه
بذحل و لا يسوؤه في حال، و أرسل به مع جماعة ليسكن الحارث إليهم، و أمرهم أن
يتكفلوا له بالوفاء و يضمنوا له عنه أنه لا يهجيه، ففعلوا ذلك. و سكن إليه الحارث،
فأتى النعمان و هو في قصر بني مقاتل، فقال للحاجب: استأذن لي، و الناس يومئذ عند
النعمان متوافرون، فاستأذن له، فقال النعمان: ائذن له و خذ سيفه. فقال له: ضع سيفك
و ادخل. فقال الحارث: و لم أضعه؟ قال:
ضعه، فلا بأس
عليك. فلمّا ألحّ عليه وضعه و دخل و معه الأمان. فلمّا دخل قال: انعم صباحا أبيت
اللّعن. قال: لا أنعم اللّه صباحك!. فقال الحارث: هذا كتابك!. قال النّعمان: كتابي
و اللّه ما أنكره، أنا كتبته لك، و قد غدرت و فتكت مرارا، فلا ضير أن غدرت بك
مرّة. ثم نادى: من يقتل هذا؟ فقام ابن الخمس التغلبيّ- و كان الحارث فتك بأبيه-
فقال: أنا أقتله. و ذكر باقي الخبر في قصّته مع ابن الخمس [مثل] ما ذكره أبو
عبيدة.
-
عمل أصاغر الناس لا السادة و الأشراف. و الضجعي بكسر (الضاد و ضمها): الذي يلزم
البيت لا يكاد يبرح منزله و لا ينهض لمكرمة.