اجترّت،
و دمعت عيناها، و أصغت برأسها [1]، و تفاجّت [2] تفاجّ البائل، و هجمت في المحلب
هجما حتى تسنّمه [3]، و تجاوبت أحاليلها [4] بالشّخب هثّا [5] و هثيما حتى تصفّ
بين ثلاثة محالب [6]. فصاح الحارث بهما و رجز فقال:
/ خليّا عنها! فعرفاه فضرط البائن. فقال
الحارث: «است الضارط [8] أعلم» فذهبت مثلا- قال الأثرم:
البائن الحالب
الأيمن، و المستعلي الحالب الأيسر- ثم عمد إلى أموال جاراته و إلى جاراته فجمعهنّ
و ردّ أموالهن و سار معهنّ حتى اشتلاهنّ (أي أنقذهنّ).
رواية أخرى
في قتله بن الملك:
قال أبو عبيدة:
و لحق الحارث ببلاد قومه مختفيا. و كانت أخته سلمى بنت ظالم عند سنان بن أبي حارثة
المرّيّ. قال أبو عبيدة: و كان الأسود بن المنذر قد تبنّى سنان بن أبي حارثة
المرّيّ ابنه شرحبيل، فكانت سلمى بنت كثير بن ربيعة من بني غنم بن دودان [9] امرأة
سنان بن أبي حارثة المرّيّ ترضعه و هي أمّ هرم، و كان هرم غنيّا يقدر على ما يعطي
سائليه. فجاء الحارث، و قد كان اندسّ في بلاد غطفان، فاستعار سرج سنان، و لا يعلم
سنان، و هم نزول بالشّربّة، فأتى به سلمى ابنة/ ظالم فقال: يقول لك بعلك: ابعثي
بابن الملك مع الحارث حتى أستأمن له و يتخفّر به، و هذا سرجه آية إليك. فزيّنته ثم
دفعته إلى الحارث، فأتى بالغلام، ناحية من الشّربّة فقتله، ثم أنشأ يقول:
[4]
الأحاليل: جمع إحليل، و هو هنا مخرج اللبن من الضرع. و الشخب (بالفتح): صوت اللبن
عند الحلب. و الشخب (بالفتح و بالضم): ما يخرج من الضرع من اللبن. و قيل: الشخب
(بالضم): ما امتد من اللبن حين يحلب متصلا بين الإناء و الطبى.
[5] كذا في
«الأصول الخطية». و في «ب، س»: «هشا و هشيما». و الهث: اختلاط الصوت في حرب أو
صخب. و المراد هنا اختلاط أصوات الأحاليل عند الحلب. أما «الهيشم» أو «الهشيم» فلم
نهتد لوجهه الصواب فيه.