responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 244

و أرى الغواني لا يواصلن امرأ

فقد الشّباب و قد يصلن الأمردا

فدعاه الرشيد و قال له: يا عاضّ بظر أمّه! تغنّي في مدح المرد و ذمّ الشّيب و ستارتي منصوبة و قد شبت! كأنّك إنّما عرّضت بي! ثم دعا بمسرور فأمره أن يأخذ بيده فيخرجه فيضربه/ ثلاثين درّة و لا يردّه إلى مجلسه، ففعل ذلك، و لم ينتفع الرشيد يومئذ بنفسه و لا انتفعنا به بقيّة يومنا، و جفا علّويه شهرا فلم يأذن له حتّى سالناه فأذن له.

نسبة هذه الأصوات التي تقدّمت‌

صوت‌

هما فتاتان لمّا يعرفا خلقي‌

و بالشّباب على شيبي يدلّان‌

كلّ الفعال الّذي يفعلنه حسن‌

يضني فؤادي و يبدي سرّ أشجاني‌

بل احذرا صولة من صول شيخكما

مهلا عن الشّيخ مهلا يا فتاتان‌

لم يقع إليّ شاعره. فيه لابن سريج ثاني ثقيل بالسبّابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. و فيه لابن سريج رمل بالبنصر عن عمرو. و فيه لسليمان المصاب رمل كان يغنّيه، فدسّ الرشيد إليه إسحاق حتّى أخذه منه، و قيل: بل دسّ عليه ابن جامع.

خبر أخذ إسحاق صوتا من سليمان المصاب:

أخبرني جعفر بن قدامة قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال:

دعاني الرشيد لمّا حجّ، فقال: صر إلى موضع كذا و كذا من المدينة؛ فإنّ هناك غلاما مجنونا يغنّي صوتا حسنا، و هو:

هما فتاتان لمّا يعرفا خلقي‌

و بالشباب علي شيبي يدلّان‌

و له أمّ، فصر إليها و أقم عندها و احتل حتّى تأخذه. فجئت أستدلّ حتّى وقفت على بيتها، فخرجت إليّ فوهبت لها مائتي درهم، و قلت لها: أريد أن تحتالي على ابنك حتّى آخذ منه الصوت الفلانيّ. فقالت: نعم، و أدخلتني دارها، و أمرتني فصعدت إلى عليّة لها، فما لبثت أن جاء ابنها فدخل. فقالت له: يا سليمان فدتك نفسي! أمّك قد أصبحت اليوم خاثرة مغرمة [1]، فأحبّ أن تغنّي ذلك الصوت:

هما فتاتان لمّا يعرفا خلقي‌

فقال لها: و متى حدث لك هذا الطّرب؟ قالت: ما طربت و لكنّني أحببت أن أتفرّج من همّ قد لحقني. فاندفع فغنّاه، فما سمعت أحسن من غنائه. فقالت/ له أمّه: أحسنت! فديتك! فقد و اللّه كشفت عنّي قطعة من همّي، فأسألك أن تعيده. قال: و اللّه ما لي نشاط، و لا أشتري غمّي بفرحك. فقالت: أعده مرّتين و لك درهم صحيح تشتري به ناطفا [2]. قال: و من أين لك درهم؟ و متى حدث لك هذا السخاء؟ فقالت: هذا فضول لا تحتاج إليه و أخرجت إليه درهما فأعطته إيّاه، فأخذه و غنّاه مرّتين، فدار لي و كان يستوي. فأومأت إليها من فوق أن تستزيده. فقالت: يا بنيّ‌


[1] خاثرة: ثقيلة النفس غير طيبة و لا نشيطة. و المغرمة هنا: المصابة بألم يلازمها و يلح عليها.

[2] الناطف: ضرب من الحلوى يقال له القبيطي.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست