responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 162

قلت في توبة، فأنشدته قولها:

فإن تكن القتلى بواء [1] فإنكم‌

فتى ما قلتم آل عوف بن عامر

فتى كان أحيا من فتاة حييّة

و أشجع من ليث بخفّان خادر

أتته المنايا دون درع حصينة

و أسمر خطّيّ و جرداء ضامر

فنعم الفتى إن كان توبة فاجرا

و فوق الفتى إن كان ليس بفاجر

كأنّ فتى الفتيان توبة لم ينخ‌

قلائص يفحصن الحصا بالكراكر

فقال لها أسماء بن خارجة: أيتها المرأة إنك لتصفين هذا الرجل بشي‌ء ما تعرفه العرب فيه. فقالت: أيها الرجل هل رأيت توبة قطّ؟ قال لا. فقالت: أما و اللّه لو رأيته لوددت أنّ كلّ/ عاتق [2] في بيتك حامل منه؛ فكأنّما فقئ في وجه أسماء حبّ الرّمّان. فقال له الحجاج: و ما كان لك و لها!.

وفاتها و كيف كانت:

أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا ابن أبي سعد عن محمد بن عليّ بن المغيرة قال سمعت أبي يقول سمعت الأصمعيّ يذكر أنّ الحجّاج أمر لها بعشرة آلاف درهم، و قال لها: هل لك من حاجة؟ قالت: نعم أصلح اللّه الأمير، تحملني إلى ابن عمّي/ قتيبة بن مسلم، و هو على خراسان يومئذ فحملها إليه، فأجازها و أقبلت راجعة تريد البادية، فلمّا كانت بالرّيّ ماتت، فقبرها [3] هناك. هكذا ذكر الأصمعيّ في وفاتها و هو غلط. و قد أخبرني عمّي عن الحزنبل الأصبهانيّ عمّن أخبره عن المدائنيّ، و أخبرني الحسن بن عليّ عن ابن مهديّ عن ابن أبي سعد عن محمد بن الحسن النّخعيّ عن ابن الخصيب الكاتب، و اللّفظ في الخبر للحزنبل، و روايته أتمّ:

أنّ ليلى الأخيليّة أقبلت من سفر، فمرّت بقبر توبة و معها زوجها و هي في هودج لها. فقالت: و اللّه لا أبرح حتى أسلّم على توبة، فجعل زوجها يمنعها من ذلك و تأبى إلّا أن تلمّ به. فلمّا كثر ذلك منها تركها، فصعدت أكمة عليها قبر توبة، فقالت: السلام عليك يا توبة، ثم حوّلت وجهها إلى القوم فقالت: ما عرفت له كذبة قطّ قبل هذا.

قالوا: و كيف؟ قالت: أ ليس القائل:

صوت‌

و لو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت‌

عليّ و دوني [4] تربة و صفائح‌

لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا [5]

إليها صدى من جانب القبر صائح‌

و أغبط من ليلى بما لا أناله‌

ألا كلّ ما قرّت به العين صالح‌

فما باله لم يسلّم عليّ كما قال!. و كانت إلى جانب القبر بومة كامنة، فلمّا رأت الهودج و اضطرابه فزعت و طارت‌


[1] وردت هذه الأبيات في قصيدة تقدّمت (صفحة 224 و ما بعدها. فليراجع الكلام عليها هناك).

[2] العاتق: الشابة.

[3] في «ب، س»: «فقبرت هناك».

[4] في «ج»: «و فوقي». و يروى «جندل» بدل «تربة».

[5] زقا: صاح. و الصدى هنا: طائر كالبومة كانت العرب تزعم أنه يخرج من رأس القتيل و يصيح اسقوني اسقوني حتى يؤخذ بثأره.

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 11  صفحة : 162
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست