انصرف إبراهيم
بن العبّاس يوما من دار المتوكّل فقال لنا: أنا و اللّه مسرور بشيء مغموم منه.
فقلنا له: و ما ذاك أعزّك اللّه؟ قال: كان أحمد بن المدبّر رفع إلى أمير المؤمنين
أن بعض عمّالي اقتطع مالا، و صدق في الذي قاله، و كنت قد رأيت هلال الشهر و نحن مع
أمير المؤمنين على وجهه فدعوت له، و ضحك إليّ فقال لي: إن أحمد قد رفع على عاملك كذا
و كذا فاصدقني عنه؛ فضاقت عليّ الحجّة، و خفت أن أحقّق قوله إن اعترفت، ثم لا أرجع
منه إلى شيء فيعود عليّ الغرم، فعدلت عن الحجّة إلى الحيلة فقلت: أنا في هذا يا
أمير المؤمنين كما قلت فيك:
صوت
ردّ قولي و صدّق الأقوالا
و أطاع الوشاة و العذّالا
أ تراه يكون شهر صدود
و على وجهه رأيت الهلالا
قال: لا يكون و
اللّه ذلك بحياتي يا إبراهيم! روّ هذا الشعر بنانا حتى يغنّيني فيه. فقلت: نعم يا
سيّدي على ألّا يطالب صاحبي بقول أحمد. فقال للوزير: تقبّل قول صاحبه في المال.
فسررت بالظّفر، و اغتممت لبطلان هذا المال و ذهابه بمثل هذه الحيلة، و لعله قد جمع
في زمن طويل و تعب شديد.
سرق ابن دريد
و ابن الرومي شعره:
أنشدت عمّي
رحمه اللّه أبياتا لابن دريد يمدح رجلا من أهل البصرة:
يا من يقبّل كفّ كلّ مخرّق
هذا ابن يحيى ليس بالمخراق
قبّل أنامله فلسن أناملا
لكنّهنّ مفاتح الأرزاق
فقال: يا بنيّ
هذا سرقه هو و ابن الرّوميّ جميعا من إبراهيم بن العبّاس؛ قال إبراهيم بن العبّاس
يمدح الفضل بن سهل: